معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (15)

قوله عز وجلط :{ هل أتاك حديث موسى } يقول : قد جاءك يا محمد حديث موسى{ إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوىً } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (15)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك جانبا من قصة موسى مع فرعون ، لتكون تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم عما أصابه من هؤلاء الجاحدين ، وتهديدا لهم حتى يقلعوا عن غيهم . . فقال - تعالى - :

{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ . . . } .

قال الإِمام الرازى : اعلم أن وجه المناسبة بين هذه القصة وبين ما قبلها من وجهين :

الأول : أنه - تعالى - حكى عن الكفار إصرارهم على إنكار البعث ، حتى انتهوا فى ذلك الإِنكار إلى حد الاستهزاء فى قولهم : { تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } وكان ذلك يشق على الرسول صلى الله عليه وسلم فذكر - سبحانه - قصة موسى - عليه السلام - ، وبين أنه تحمل المشقة فى دعوة فرعون ، ليكون ذلك لتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم .

الثانى : أن فرعون كان أقوى من كفار قريش . . فلما تمرد على موسى ، أخذه الله - تعالى - نكال الآخرة والأولى ، فكذلك هؤلاء المشركون فى تمردهم عليك ، إن أصروا ، أخذهم الله وجعلهم نكالا . .

والمقصود من الاستفهام فى قوله - تعالى - : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى . . . } التشويق إلى الخبر ، وجعل السامع فى أشد حالات الترقب لما سيلقى إليه ، حتى يكون أكثر وعيا لما سيسمعه .

والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم لقصد تسليته ، ويندرج فيه كل من يصلح له .

والمعنى : هل وصل إلى علمك - أيها الرسول الكريم - خبر موسى - عليه السلام - مع فرعون ؟ إن كان لم يصل إليك فهاك جانبا من خبره نقصه عليك ، فتنبه له ، لتزداد ثباتا على ثباتك ، وثقة فى نصر الله - تعالى - لك على ثقتك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (15)

ثم يهدأ الإيقاع شيئا ما ، في الجولة القادمة ، ليناسب جو القصص ، وهو يعرض ما كان بين موسى وفرعون ، وما انتهى إليه هذا الطاغية عندما طغى :

هل أتاك حديث موسى . إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى . اذهب إلى فرعون إنه طغى . فقل : هل لك إلى أن تزكى ? وأهديك إلى ربك فتخشى ? فأراه الآية الكبرى . فكذب وعصى ، ثم أدبر يسعى . فحشر فنادى . فقال : أنا ربكم الأعلى . فأخذه الله نكال الآخرة والأولى . . إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) . .

وقصة موسى هي أكثر القصص ورودا وأكثرها تفصيلا في القرآن . . وقد وردت من قبل في سور كثيرة . وردت منها حلقات منوعة . ووردت في أساليب شتى . كل منها تناسب سياق السورة التي وردت فيها ؛ وتشارك في أداء الغرض البارز في السياق . على طريقة القرآن في إيراد القصص وسرده .

وهنا ترد هذه القصة مختصرة سريعة المشاهد منذ أن نودي موسى بالوادي المقدس ، إلى أخذ فرعون . . أخذه في الدنيا ثم في الآخرة . . فنلتقي بموضوع السورة الأصيل . وهو حقيقة الآخرة . وهذا المدى الطويل من القصة يرد هنا في آيات معدودات قصار سريعة ، ليناسب طبيعة السورة وإيقاعها .

وتتضمن هذه الآيات القصار السريعة عدة حلقات ومشاهد من القصة . .

وهي تبدأ بتوجيه الخطاب إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] : ( هل أتاك حديث موسى ? ) . . وهو استفهام للتمهيد وإعداد النفس والأذن لتلقي القصة وتمليها . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىَ * إِذْ نَادَاهُ رَبّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَىَ فِرْعَوْنَ إِنّهُ طَغَىَ * فَقُلْ هَل لّكَ إِلَىَ أَن تَزَكّىَ } .

قول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هل أتاك يا محمد حديث موسى بن عمران ، وهل سمعت خبره حين ناجاه ربه بالواد المقدّس ، يعني بالمقدّس : المطهّر المبارك . وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في ذلك فيما مضى ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع ، وكذلك بيّنا معنى قوله : طُوًى وما قال فيه أهل التأويل ، غير أنا نذكر بعض ذلك ها هنا .

وقد اختلف أهل التأويل في قوله : طُوًى فقال بعضهم : هو اسم الوادي . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : طُوًى اسم الوادي .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّكَ بالْوَادِ المُقَدّسِ طُوًى قال : اسم المقدّس طُوًى .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إذْ نادَاهُ رَبّهُ بالْوَادِ المُقَدّسِ طُوًى كنا نحدّث أنه قدّس مرّتين ، واسم الوادي طُوًى .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : طَأِ الأرض حافيا . ذكر بعض من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد إنّكَ بالْوَاد المُقَدّسِ طُوًى قال : طَأِ الأرض بقدمك .

وقال آخرون : بل معنى ذلك أن الوادي قُدّس طُوًى : أي مرّتين ، وقد بيّنا ذلك كله ووجوهه ، فيما مضى بما أغني عن إعادته في هذا الموضع . وقرأ ذلك الحسن بكسر الطاء ، وقال : بُثّتْ فيه البركة والتقديس مرّتين .

حدثنا بذلك أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا هشيم ، عن عوف ، عن الحسن .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة «طُوَى » بالضمّ ولم يُجْرُوه وقرأ ذلك بعض أهل الشأم والكوفة : طُوًى بضمّ الطاء والتنوين .