معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

قوله تعالى :{ الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون كذلك } يعني كما أفكتم عن الحق مع قيام الدلائل . { يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

وقوله - تعالى - : { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الذين كَانُواْ بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ } بيان لحال الذين وقفوا من نعم الله - تعالى - موقف الجحود والكفران .

ويؤفك هنا : بمعنى القلب والصرف عن الشئ ، من الأفك - بالفتح - مصدر أفكه عن الشئ بمعنى صرفه عنه - وبابه ضرب - ومنه قوله - تعالى - :

{ قالوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا . . . } أى : لتصرفنا عن عبادتها .

والمعنى : مثل ذلك الصرف العجيب من الحق إلى الباطل ، ينصرف وينقلب كل أولئك الذين انتكست عقولهم ، والذين كانوا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا يجحدون ويكفرون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

وقوله : كَذَلِكَ يُوءْفَكُ الّذِينَ كانُوا بآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ يقول : كذهابكم عنه أيها القوم ، وانصرافكم عن الحقّ إلى الباطل ، والرشد إلى الضلال ، ذهب عنه الذين كانوا من قبلكم من الأمم بآيات الله ، يعني : بحجج الله وأدلته يكذّبون فلا يؤمنون يقول : فسلكتم أنتم معشر قريش مسلكهم ، وركبتم محجتهم في الضلال .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

ثم قال لنبيه : { كذلك يؤفك } أي على هذه الهيئة وبهذه الصفة صرف الله تعالى الكفار الجاحدين بآيات الله من الأمم المتقدمة على طريق الهدى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

هذه الجملة معترضة بمنزلة التعليل لمضمون الجملة التي قبلها وهو التعجيب من انصرافهم عن عبادة ربهم خالقهم وخالق كل شيء فإن في تعليل ذلك ما يبين سبب التعجيب ، فجيء في جانب المأفوكين بالموصول لأن الصلة تومىء إلى وجه بناء الخبر وعلتِه ، أي أن استمرارهم على الجحد بآيات الله دون تأمل ولا تدبّر في معانيها ودلائلها يَطبع نفوسهم على الانصراف عن العلم بوجوب الوحدانية له تعالى . فالإِشارة بذلك إلى الإِفك المأخوذ من فعل { تؤفكون } [ غافر : 62 ] أي مثل إفككم ذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون .

فيجوز أن يكون المراد بالذين { كانوا بآياتِ الله يَجْحَدون } المخاطبين بقوله : { ذلكم الله رَبُّكُم } [ غافر : 62 ] ، ويكون الموصول وصلته إظهاراً في مقام الإِضمار ، والمعنى : كذلك تؤفكون ، أي مثلَ أَفككم تُؤفكون ، ويكون التشبيه مبالغة في أن إفكهم بلغ في كنه الأَفك النهاية بحيث لو أراد المقرِّب أن يقربه للسامعين بشبيه له لم يجد شبيهاً له أوضح منه وأجلى في ماهيته فلا يسعه إلا أن يشبهه بنفسه على الطريقة المألوفة المبينة في قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } [ البقرة : 143 ] ، وبذلك تكون صلة الموصول من قوله : { الذين كانوا بئاياتت الله يجحَدُون } إيماء إلى علة إفكهم تعليلاً صريحاً .

ويجوز أن يكون المراد ب { الذين كانوا بآياتِ الله يجحَدُون } كلَّ من جحد بآيات الله من مشركي العرب ومن غيرهم من المشركين والمكذبين فيصير التعليل المومى إليه بالصلة تعليلاً تعريضياً لأنه إذا كان الأفك شأن الذين يجحدون بآيات الله كلهم فقد شمل ذلك هؤلاء بحكم المماثلة . وصيغة المضارع لاستحضار الحالة ، وذكر فعل الكون للدلالة على أن الجحد بآيات الله شأنهم وهجِّيراهم .

وهذا أصل عظيم في الأخلاق العلمية ، فإن العقول التي تتخلق بالإِنكار والمكابرة قبل التأمل في المعلومات تصرف عن انكشاف الحقائق العلمية فتختلط عليها المعلومات ولا تميّز بين الصحيح والفاسد .