الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{كَذَٰلِكَ يُؤۡفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} (63)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{كذلك يؤفك} يعني هكذا يكذب بالتوحيد.

{الذين كانوا بآيات الله} يعني آيات القرآن {يجحدون}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"كَذَلِكَ يُؤفَكُ الّذِينَ كانُوا بآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ" يقول: كذهابكم عنه أيها القوم، وانصرافكم عن الحقّ إلى الباطل، والرشد إلى الضلال، ذهب عنه الذين كانوا من قبلكم من الأمم بآيات الله، يعني: بحجج الله وأدلته يكذّبون فلا يؤمنون يقول: فسلكتم أنتم معشر قريش مسلكهم، وركبتم محجتهم في الضلال.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ينصرفون عن عبادته والقيام بشكره. وأصل الإفك الصرف كقوله {أجئتنا لتأفِكَنا} [الأحقاف: 22] أي لتصرفنا.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ذكر أن كل من جحد بآيات الله ولم يتأملها ولم يكن فيه همة طلب الحق وخشية العاقبة: أفك كما أفكوا.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم قال لنبيه: {كذلك يؤفك} أي على هذه الهيئة وبهذه الصفة صرف الله تعالى الكفار الجاحدين بآيات الله من الأمم المتقدمة على طريق الهدى.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كشف هذا السياق عن أن هذا الصرف أمر لا يقدم عليه عاقل، كان كأنه قيل هل وقع لأحد غير هؤلاء مثل هذا؟ فأجيب بقوله: {كذلك} أي مثل هذا الصرف الغريب البعيد عن مناهيج العقلاء.

{يؤفك} أي يصرف صرفا سيئاً -بناه للمفعول إشارة إلى تمام قدرته عليه بكل سبب كان؛ ولأنه المتعجب منه.

{الذين كانوا} مطبوعين على أنهم {بآيات الله} أي ذي الجلال والجمال.

{يجحدون} أي ينكرون عناداً ومكابرة، فدل هذا على أن كل من تكبر عن حق فأنكره مع علمه به؛ عوقب بمسخ القلب وعكس الفهم، فصار له الصرف عن وجوه الدلائل إلى أقفائها ديدناً؛ بحيث يموت كافراً إن لم يتداركه الله برحمة منه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

هذا أصل عظيم في الأخلاق العلمية، فإن العقول التي تتخلق بالإِنكار والمكابرة قبل التأمل في المعلومات تصرف عن انكشاف الحقائق العلمية فتختلط عليها المعلومات ولا تميّز بين الصحيح والفاسد...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

الآية الأخيرة من مجموعة الآيات التي نبحثها تأتي وكأنّها تأكيد لمواضيع الآيات السابقة، فيقول تعالى: (كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون). «يجحدون» مشتقّة من مادة «جحد» وهي في الأصل تعني إنكار الشيء الموجود في القلب والنفس؛ بمعنى أنّ الإنسان يقر في نفسه وقلبه بعقيدة أو بشيء ما، وفي نفس الوقت ينفيه ويتظاهر بعكسه، أو يعتقد بعدمه في نفسه ويثبته في لسانه. ويطلق وصف الجحود على البخلاء والذين لا يؤمّل منهم الخير ويتظاهرون بالفقر دائماً.

بعض علماء اللغة أوجز في تفسير «جحد» و «جحود» بقولهم: الجحود الإنكار مع العلم. وبناءً على ما تقدم فإن الجحود يتضمّن في داخله نوعاً من معاني العناد في مقابل الحق، و من الطبيعي أن من يتعامل مع الحقائق بهذا المنظور لا يمكن أن يستمر في طريق الحق، فما لم يكن الإنسان باحثاً عن الحقيقة وطالباً لها ومذعناً أمام منطقها فسوف لن يصل إليها مطلقاً. لذا فإنّ الوصول إلى الحق يحتاج مسبقاً إلى الاستعداد والبناء الذاتي، أيّ التقوى قبل الإيمان، وهو الذي أشار إليه تعالى في مطلع سورة البقرة: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين)...