وتضرع صالح - عليه السلام - إلى ربه - عز وجل - أن يمنحه معجزة لعلها تكون سببا فى هداية قومه ، وأجاب الله - تعالى - تضرعه ، فقال - سبحانه - : { قَالَ هذه نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ وَلاَ تَمَسُّوهَا بسوء فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .
قال ابن كثير : ثم إنهم اقترحوا عليه آية يأتيهم بها ، ليعلموا صدقه بما جاءهم به من ربهم ، فطلبوا منه أن يخرج لهم الآن من صخرة عندهم ناقة عُشرَاء من صفتها كذا وكذا . فعند ذلك أخذ عليهم صالح العهود والمواثيق ، لئن أجابهم إلى ما سألوا ليؤمنن به ، فأنعموا بذلك - أى : قالوا نعم - فقام نبى الله صالح فصلى ، ثم دعا ربه أن يجيبهم على سؤالهم ، فانفطرت تلك الصخرة التى أشاروا إليها عن ناقة عشراء ، على الصفة التى وصفوها ، فآمن بعضهم وكفر أكثرهم .
والمعنى : قال لهم صالح - عليه السلام - بعد أن طلبوا منه معجزة تدل على صدقه : هذه ناقة { لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } أى : لها نصيب معين من الماء ، ولكم نصيب آخر منه ، وليس لكم أن تشربوا منه فى يوم شربها . وليس لها أن تشرب منه فى يوم شربكم ،
واحذروا أن تمسوها بسوء - كضرب أو قتل - فيأخذكم عذاب يوم عظيم . ووصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه من عذاب ينزل بهم إذا مسوها بسوء
وقوله : وَلا تَمَسّوها بِسُوءٍ يقول : لا تمسوها بما يؤذيها من عقر وقتل ونحو ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، في قوله : وَلا تَمَسّوها بِسُوءٍ لا تعقروها . وقوله : فَيأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ يقول : فيحلّ بكم من الله عذاب يوم عظيم عذابه .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ولا تمسوها بسوء} يعني: ولا تعقروها، {فيأخذكم عذاب يوم عظيم} في الدنيا.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"وَلا تَمَسّوها بِسُوءٍ" يقول: لا تمسوها بما يؤذيها من عقر وقتل ونحو ذلك... وقوله: "فَيأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ "يقول: فيحلّ بكم من الله عذاب يوم عظيم عذابه.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ثم قال لهم صالح "ولا تمسوها "يعني الناقة "بسوء" أي بضر تشعر به، فالسوء هو الضرر الذي يشعر به صاحبه، لأنه يسوء وقوعه، فإذا ضره من حيث لا يشعر به لم يكن قد ساءه، لكنه عرضه لما يسوؤه.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{بِسُوءٍ} بضرب أو عقر أو غير ذلك. [فيأخذكم عذاب يوم عظيم] عظم اليوم لحلول العذاب فيه، ووصف اليوم به أبلغ من وصف العذاب، لأن الوقت إذا عظم بسببه كان موقعه من العظم أشد.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما أرشد السياق إرشاداً بَيِّناً إلى أن المعنى: فخذوا شربكم واتركوا لها شربها، عطف عليه قوله: {ولا تمسوها بسوء} أي كائناً ما كان وإن قل، لأن ما كان من عند الله يجب إكرامه، ورعايته واحترامه؛ ثم خوفهم بما يتسبب عن عصيانهم فقال: {فيأخذكم} أي يهلككم {عذاب يوم عظيم} بسبب ما حل فيه من العذاب، فهو أبلغ من وصف العذاب بالعظم،
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
نهوا عن أن يمسوها بأي سوء أو أذى، لأن الله حارسها وحاميها، وهي معجزة نبيه..
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
لأن ذلك يمثل التمرد على الله في مواجهة آياته التي يتطلبها الناس ويقترحونها، فإذا استجاب لهم، فمعنى ذلك أن الله لا يمهلهم إذا كذبوا وتمردوا وأساؤوا.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.