تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (98)

{ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } أي : يقول الضعفاء الذين استكبروا : { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ } [ غافر : 47 ] . ويقولون وقد عادوا على أنفسهم بالملامة : { تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } أي : نجعل أمركم مطاعًا كما يطاع أمر رب العالمين ، وعبدناكم مع ربِ العالمين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (98)

{ إذ نسويكم برب العالمين } أي في استحقاق العبادة ، ويجوز أن تكون الضمائر للعبد كما في { قالوا } والخطاب للمبالغة في التحسر والندامة ، والمعنى أنهم مع تخاصمهم في مبدأ ضلالهم معترفون بانهماكهم في الضلالة متحسرون عليها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (98)

وقول الحق قسم { تالله إن كنا } إلا ضالين في أن نعبدكم ونجعلكم سواء مع الله تعالى الذي هو رب العالمين وخالقهم ومالكهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (98)

{ إذ نسويكم } ظرف متعلق ب { كنّا } أي كنا في ضلال في وقت إنا نسوّيكم برب العالمين . وليست { إذ } بموضوعة للتعليل كما توهمه الشيخ أحمد بن عَلوان التونسي الشهير بالمِصري فيما حكاه عنه المقري في « نفح الطيب » في ترجمة أبي جعفر اللَّبْلي في الباب الخامس من القسم الأول ، وإنما غشي عليه حاصل المعنى المجازي فتوهمه معنى من معاني { إذ } ومنه قول النابغة :

فعدِّ عما ترى إذْ *** لا ارتجاع له

أي حين لا ارتجاع له .

والتسوية : المعادَلة والمماثلة ، أي إذ نجعلكم مثل ربّ العالمين ، فالظاهر أنهم جعلوهم مثله مع الاعتراف بالإلهية وهو ظاهر حال إشراكهم كما تقدم في قوله :

{ فإنهم عدوٌّ لي إلا ربَّ العالمين } [ الشعراء : 77 ] ، ويحتمل أنهم جعلوه مثله فيما تبين لهم من إلهيته يومئذ إذ كانوا لا يؤمنون بالله أصلاً في الدنيا فهي تسوية بالمآل وقد آبوا إلى الاعتراف بما تضمنته كلمة إبراهيم لهم في الدنيا إذ قال لهم { فإنهم عدوٌّ لي إلا رب العالمين } [ الشعراء : 77 ] .

وضمير الخطاب في { نسويكم } موجه إلى الأصنام ، وهو من توجيه المتندم الخطابَ إلى الشيء الذي لا يعقل وكان سبباً في الأمر الذي جرّ إليه الندامة بتنزيله منزلة من يعقل ويسمع . والمقصود من ذلك المبالغة في توبيخ نفسه . ومنه ما روى الغزالي في « الإحياء » : أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر الصديق فوجده ممسكاً بلسانه بأصبعيه وهو يقول : أنتَ أوردتَني الموارد . وعن ابن مسعود أنه وقف على الصفا يلبّي ويقول : يا لسانُ قل خيراً تغْنَم واسكت عن شر تسلمَ . وهذا أسلوب متّبع في الكلام نثراً ونظماً قال أبو تمام :

فيا دمعُ أنجدْني على سَاكني نجد

وصيغ { نسويكم } في صيغة المضارع لاستحضار الصورة العجيبة حين يتوجهون إلى الأصنام بالدعاء والنعوت الإلهية .