تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَٰهُنَا حَمِيمٞ} (35)

وقوله : { فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ } أي : ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله ، لا حميم - وهو القريب - ولا شفيع يطاع ، ولا طعام له هاهنا إلا من غسلين .

قال قتادة : هو شر طعام أهل النار . وقال الربيع ، والضحاك : هو شجرة في جهنم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا منصور بن مزاحم ، حدثنا أبو سعيد المؤدب ، عن خُصَيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : ما أدري ما الغسلين ، ولكني أظنه الزقوم .

وقال شَبِيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الغسلين : الدم والماء يسيل من لحومهم . وقال علي بن أبي طلحة عنه : الغسلين : صديد أهل النار .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَٰهُنَا حَمِيمٞ} (35)

وقوله : فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هَا هُنا حَمِيمٌ يقول جلّ ثناؤه : فليس له اليوم وذلك يوم القيامة ها هنا ، يعني في الدار الاَخرة حميم ، يعني قريب يدفع عنه ، ويغيثه مما هو فيه من البلاء ، كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ ها هُنا حَمِيمٌ القريب في كلام العرب ولا طَعامٌ إلا مَنْ غِسْلِينٍ يقول جلّ ثناؤه : ولا له طعام كما كان لا يحضّ في الدنيا على طعام المسكين ، إلا طعام من غسلين ، وذلك ما يسيل من صديد أهل النار .

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : كلّ جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين ، فعلين من الغسل من الجراح والدّبر ، وزيد فيه الياء والنون بمنزلة عفرين . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا طَعامٌ إلاّ مِنْ غِسْلِينٍ صديد أهل النار .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله وَلا طَعامٌ إلاّ مِنْ غِسْلِينٍ قال : ما يخرج من لحومهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلا طَعامٌ إلاّ مِنْ غِسْلِينٍ شرّ الطعام وأخبثه وأبشعه .

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا طَعامٌ إلاّ مِنْ غِسلِينٍ قال : الغسلين والزقوم لا يعلم أحد ما هو .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَٰهُنَا حَمِيمٞ} (35)

واختلف المتأولون في قوله : { حميم } ، فقال جمهور من المفسرين : هو الصديق اللطيف المودة ، فنفى الله تعالى أن يكون للكافر هنالك من يواليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَٰهُنَا حَمِيمٞ} (35)

وقوله : { فليس له اليوم ههنا حميم } من تمام الكلام الذي ابتدىء بقوله { خذوه ، } وتفريع عليه .

والمقصود منه أن يسمعه من أوتي كتابه بشماله فييأس من أن يجد مدافعاً يدفع عنه بشفاعة ، وتنديمٌ له على ما أضاعه في حياته من التزلف إلى الأصنام وسدنتها وتمويههم عليه أنه يجدهم عند الشدائد وإلمام المصائب . وهذا وجه تقييد نفي الحميم ب { اليوم } تعريضاً بأن أحِمَّاءهم في الدنيا لا ينفعونهم اليوم كما قال تعالى : { ثم نقول للذين أشركوا أيْن شركاؤكم الذين كنتم تزعمون } [ الأنعام : 22 ] وقوله عنهم { فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا } [ الأعراف : 53 ] وغير ذلك مما تفوق في آي القرآن .

فقوله { له } هو خبر { ليس } لأن المجرور بلام الاختصاص هو محط الأخبار دون ظرف المكان . وقوله : { ههنا } ظرف متعلق بالكون المنوي في الخبر بحرف الجر . وهذا أولى من جعل { ههنا } خبراً عن { ليس } وجعل { له } صفةً ل { حميم } إذ لا حاجة لهذا الوصف .

والحَميم : القريب ، وهو هنا كناية عن النصير إذ المتعارف عند العرب أن أنصار المرء هم عشيرته وقبيلته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَٰهُنَا حَمِيمٞ} (35)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فليس له اليوم} في الآخرة {ههنا حميم} يعني قريب يشفع له.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

فليس له اليوم، وذلك يوم القيامة،" ها هنا ": يعني في الدار الآخرة.

"حميم"، يعني قريب يدفع عنه، ويغيثه مما هو فيه من البلاء.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

وقيل: هو مأخوذ من الحميم، وهو الماء الحار كأنه الصديق الذي يرق ويحترق قلبه له.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{حميم}: هو الصديق اللطيف المودة، فنفى الله تعالى أن يكون للكافر هنالك من يواليه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما وصفه سبحانه وتعالى بأقبح العقائد وأشنع الرذائل، سبب عنهما في مقابلة إفساد القوتين العلمية والعملية قوله: {فليس له اليوم} ولما ذكر الزمان المتعقب للبعث، ذكر المكان الكائن فيه وهو الدار الآخرة فقال: {ههنا} أي في مجمع القيامة كله {حميم} أي صديق خالص يحترق له ويحميه من العذاب لأنهم كلهم له أعداء كما أنه هو كان لا يرق على الضعفاء فيما هم فيه من الإقلال من حطام الأموال.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

لأنه لم ينطلق في علاقاته من أجواء التقوى التي تمتد في طبيعتها من الدنيا إلى الآخرة، فلم يكن في موقع الاحترام للمتقين أو في مجال التعاطف معهم، بل كانت كل علاقاته مع الكافرين المستكبرين من أمثاله، الذين لا يرتبطون ببعضهم البعض بقاعدةٍ قويّةٍ ثابتةٍ، في ما هو التوافق الفكري والروحي، بل ينطلق الارتباط من المصالح المتبادلة القائمة على النفاق والخداع ومحاولة كل واحدٍ منهم استغلال الآخر بعلاقاتٍ لا تمثل امتداداً حتى في الدنيا، لأنها تخضع للأوضاع الطارئة التي تذهب سريعاً، وقد تنقلب إلى عداوةٍ في الآخرة عندما تتحول المسألة إلى مسؤولية يحمّلها أحدهم للآخر في ما يمكن أن يترك تأثيره عليه في حسابات الآخرة. وهكذا يبرز الكافر وحده، في ما يواجهه من مصيره الأسود.