الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَيۡسَ لَهُ ٱلۡيَوۡمَ هَٰهُنَا حَمِيمٞ} (35)

قوله : { فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } : في خبرِ " ليس " وجهان ، أحدهما : " له " ، والثاني : " ههنا " ، وأيُّهما كان خبراً تعلَّق به الآخَرُ ، أو كان حالاً مِنْ " حميمٌ " . ولا يجوزُ أَنْ يكونَ " اليومَ " خبراً البتة لأنه زمانٌ ، والمُخْبَرُ عنه جثةٌ . ومنع المهدويُّ أَنْ يكونَ " ههنا " خبراً ، ولم يَذْكُرِ المانعَ . وقد ذكره القرطبي فقال : " لأنه يَصيرُ المعنى : ليس ههنا طعامٌ إلاَّ مِنْ غسْلين/ ولا يَصِحُّ ذلك لأنَّ ثَمَّ طعاماً غيرَه " . انتهى . وفي هذا نظرِ ؛ لأنَّا لا نُسَلِّم أولاً أنَّ ثَمَّ طعاماً غيرَه . فإنْ أَْرَدَ قولَه : { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } [ الغاشية : 6 ] فهذا طعامٌ آخرُ غيرُ الغِسْلين . فالجوابُ : أنَّ بعضَهم ذهب إلى أن الغِسْلينَ هو الضَّريعُ بعينِه فسمَّاه في آيةٍ غِسْليناً ، وفي أخرى ضَريعاً . ولَئِنْ سَلَّمْنا أنهما طعامان فالحَصْرُ باعتبارِ الآكلين . يعني أنَّ هذا الآكلَ انحصَر طعامُه في الغِسْلِيْنِ ، فلا يُنافي أَنْ يكونَ في النار طعامٌ آخر . وإذا قُلْنا : إنَّ " له " الخبر ، وإن " اليوم " و " ههنا " متعلِّقان بما تعلَّقَ هو به فلا إشكال . وكذاك إذا جَعَلْنا " ههنا " هو الخبرَ ، وعَلَّقْنا به الجارَّ والظرفَ ولا يَضُرُّ كونُ العاملِ معنوياً للاتساع في الظروفِ وحروف الجرِّ .