تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

وقوله : { مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } أي : يمنع ما عليه وما لديه من الخير ، { مُعْتَدٍ } في متناول ما أحل الله له ، يتجاوز فيها الحد المشروع { أَثِيمٍ } أي : يتناول المحرمات .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

القول في تأويل قوله تعالى : { مّنّاعٍ لّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } .

وقوله : منّاعٍ لِلْخَيْرِ . يقول تعالى ذكره : بخيل بالمال ضنين به عن الحقوق .

وقوله : مُعْتَدٍ يقول : معتد على الناس أثِيمٍ : ذي إثم بربه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : مُعْتدٍ في عمله أثِيمٍ بربه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

قال كثير من المفسرين : الخير هنا المال ، فوصفه بالشح ، وقال آخرون : بل هو على عمومه في المال والأفعال الصالحة ، ومن يمنع إيمانه وطاعته لله تعالى فقد منع الخير ، والمعتدي : المتجاوز لحدود الأشياء . والأثيم : فعيل من الإثم ، بمعنى : آثم ، وذلك من حيث أعماله قبيحة تكسب الإثم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

هذه مذمة خامسة .

{ منّاع } : شديد المنع . والخير : المال ، أي شحيح ، والخير من أسماء المال قال تعالى : { وإِنه لحُب الخير لشديد } [ العاديات : 8 ] وقال : { إنْ تَرَكَ خَيْراً } [ البقرة : 180 ] ، وقد روعي تماثل الصيغة في هذه الصفات الأربع وهي { حَلاّففٍ ، هَمّازٍ ، مشَّاءٍ ، منَّاعٍ } وهو ضرب من محسن الموازنة .

والمراد بمنع الخير : منعه عمن أسلَمَ من ذويهم وأقاربهم ، يقول الواحد منهم لمن أسلم من أهله أو مواليه : من دخل منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبداً ، وهذه شنشنة عرفوا بها من بعد ، قال الله تعالى في شأن المنافقين { هم الذين يقولون لا تنفقوا على مَن عند رسول الله حتى ينفضّوا } [ المنافقون : 7 ] . وأيضاً فمِن منعِ الخير ما كان أهل الجاهلية يعطون العطاء للفخر والسمعة فلا يعطون الضعفاء وإنما يعطون في المجامع والقبائل قال تعالى : { ولا يَحُضّون على طعام المسكين } [ الفجر : 18 ] . قيل : كان الوليد بن المغيرة ينفق في الحج في كل حجة عشرين ألفاً يطعم أهلَ مِنى ، ولا يعطي المسكين درهماً واحداً .

هما مذمتان سادسة وسابعة قرن بينهما لمناسبة الخصوص والعموم .

والاعتداء : مبالغة في العُدوان فالافتعال فيه للدلالة على الشدة .

والأثيم : كثير الإِثم ، وهو فعيل من أمثلة المبالغة قال تعالى : { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } [ الدخان : 4344 ] . والمراد بالإِثم هنا ما يعد خطيئة وفساداً عند أهل العقول والمروءة وفي الأديان المعروفة .

قال أبو حيان : وجاءت هذه الصفات صفات مبالغة ونوسب فيها فجاء { حَلاّف } [ القلم : 10 ] وبعده { مَهين } [ القلم : 10 ] لأن النون فيها تواخِ مع الميم ، أي ميم { أثيم } ، ثم جاء { همَّاز مشّاء } [ القلم : 11 ] بصفتي المبالغة ، ثم جاء { منّاع للخَير معتد أثيم } صفات مبالغة ا ه . يريد أن الافتعال في { معتدِ } للمبالغة .