تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ} (206)

ثم قال : { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } أي : لو أخرناهم وأنظرناهم ، وأملينا لهم برهة من الزمان وحينًا من الدهر وإن طال ، ثم جاءهم أمر الله ، أي شيء يجدي عنهم ما كانوا فيه من النعم ، { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [ النازعات : 46 ] ، وقال تعالى : { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ } [ البقرة : 96 ] ، وقال تعالى : { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى } [ الليل : 11 ] ؛ ولهذا قال : { مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } .

وفي الحديث الصحيح : " يؤتى بالكافر فيغمس في النار غمسة{[21872]} ، ثم يقال له : هل رأيت خيرًا قط ؟ هل رأيت نعيمًا قط ؟ فيقول : لا [ والله يا رب ]{[21873]} . ويؤتى بأشد الناس بؤسًا كان في الدنيا ، فيصبغ في الجنة صبغة ، ثم يقال له : هل رأيت بؤسًا قط ؟ فيقول : لا والله يا رب " أي : ما كأن شيئًا كان{[21874]} ؛ ولهذا كان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت :

كأنَّك لَمْ تُوتِر من الدّهْر لَيْلَةً *** إذا أنْتَ أدْرَكْتَ الذي كنتَ تَطْلُبُ


[21872]:- في ف : "فيغمس غمسة في النار".
[21873]:- زيادة من ف ، أ ، والمسند.
[21874]:- رواه أحمد في مسنده (3/203) من حديث أنس بن مالك ، رضي الله عنه.

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ} (206)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتَ إِن مّتّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمّ جَآءَهُم مّا كَانُواْ يُوعَدُونَ * مَآ أَغْنَىَ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يُمَتّعُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ثم جاءهم العذاب الذي كانوا يوعدون على كفرهم بآياتنا ، وتكذيبهم رسولنا ، ما أغْنَى عَنْهُمْ يقول : أيّ شيء أغنى عنهم التأخير الذي أخّرنا في آجالهم ، والمتاع الذي متعناهم به من الحياة ، إذ لم يتوبوا من شركهم ، هل زادهم تمتيعنا إياهم ذلك إلا خبالاً ، وهل نفعهم شيئا ، بل ضرّهم بازديادهم من الاَثام ، واكتسابهم من الإجرام ما لو لم يمتعوا لم يكتسبوه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله أفَرأيْتَ إنْ مَتّعْناهُمْ سِنينَ إلى قوله ما أغْنَى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتّعُونَ قال : هؤلاء أهل الكفر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ} (206)

{ أفرأيت إن متعناه سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون } لم يغن عنهم تمتعهم المتطاول في دفع العذاب وتخفيفه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ} (206)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ثم جاءهم} بعد ذلك العذاب {ما كانوا يوعدون}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 205]

يقول تعالى ذكره: ثم جاءهم العذاب الذي كانوا يوعدون على كفرهم بآياتنا، وتكذيبهم رسولنا، "ما أغْنَى عَنْهُمْ "يقول: أيّ شيء أغنى عنهم التأخير الذي أخّرنا في آجالهم، والمتاع الذي متعناهم به من الحياة، إذ لم يتوبوا من شركهم، هل زادهم تمتيعنا إياهم ذلك إلا خبالاً، وهل نفعهم شيئا، بل ضرّهم بازديادهم من الاَثام، واكتسابهم من الإجرام ما لو لم يمتعوا لم يكتسبوه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 205]

ما يغني تأخير العذاب عنهم وإمهالهم عن وقت، يمنعون من عذاب الله من شيء؟ أي لا ينفعهم ذلك. ويحتمل أن يكونوا سألوا العذاب في الظاهر، واستمهلوه في الحقيقة، فخرج قوله: {أفرأيت إن متعناهم سنين} الآيات جوابا لاستمهالهم، ويحتمل أن يكون: بعضهم استعجل العذاب، واستمهل غيرهم، فخرج هذا جواب من استمهل.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"ثم جاءهم ما كانوا يوعدون" به من العذاب، "ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون" معناه: أنه لم يغن عنهم ما كانوا يمتعون، لازديادهم من الآثام، واكتسابهم من الإجرام، أي أي شيء يغني عنهم ما يمتعون به من النعم، لأنه فان كله، والإغناء عن الشيء صرف المكروه عنه بما يكفي عن غيره...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 205]

أي: لو أخرناهم وأنظرناهم، وأملينا لهم برهة من الزمان وحينًا من الدهر وإن طال، ثم جاءهم أمر الله، أي شيء يجدي عنهم ما كانوا فيه من النعم..

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم جاءهم} أي بعد تلك السنين المتطاولة، والدهور المتواصلة {ما كانوا يوعدون} أي مما طال إنذارك إياهم به وتحذيرك لهم منه على غاية التقريب لهم والتمكين في إسماعهم،

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{ثم جاءهم} معطوف على جملة الشرط المعترضة، و {ثم} فيه للترتيب والمهلة، أي جاءهم بعد سنين. وفيه رمز إلى أن العذاب جائيهم وحالّ بهم لا محالة.