صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (3)

{ إنك لمن المرسلين . على صراط مستقيم } أي على طريقة مستقيمة .

واعلم أن الأقسام الواقعة في القرآن وإن وردت في صورة تأكيد المحلوف عليه ، إلا إن المقصود الأصلي بها تعظيم المقسم به ؛ لما فيه من الدلالة على اتصافه تعالى بصفات الكمال ، أو على أفعاله العجيبة ، أو على قدرته الباهرة . فيكون المقصود من الحلف الاستدلال به على عظم المحلوف عليه ، وهو هنا عظم شأن الرسالة . كأنه قيل : إن من أنزل القرآن – وهو ما هو في عظم شأنه – هو الذي أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه سلم ومثل ذلك يقال في الأقسام التي في السور الآتية .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (3)

ولما كان قد ثبت في سورة الملائكة أنه سبحانه الملك الأعلى ، لما ثبت له من تمام القدرة وشمول العلم ، وكان من أجلّ ثمرات الملك إرسال الرسل إلى الرعايا بأوامر الملك وردهم عما هم عليه مما دعتهم إليه النفوس ، وقادتهم إليه الشهوات والحظوظ ، إلى ما يفتحه لهم من الكرم ، ويبصرهم به من الحكم ، وكانت الرسالة أحد الأصول الثلاثة التي تنقل الإنسان من الكفر إلى الإيمان ، وكانت هي المنظور إليها أولاً لأنها السبب في الأصلين الآخرين ، وكانوا قد ردوا رسالته نفوراً واستكباراً ، قال مقدماً لها تقديم السبب على مسببه على وجه التأكيد البليغ مع ضمير الخطاب الذي لا يحتمل لبساً : { إنك لمن المرسلين * } أي الذين حكمت عقولهم على دواعي نفوسهم ، فصاروا - بما وهبهم الله من القوة النورانية - كالملائكة الذين قدم في السورة الماضية أنهم رسله وفي عدادهم بما تخلقوا به من أوامره ونواهيه وجميع ما يرتضيه .