قوله : { إنَّكَ } جواب القسم{[45673]} و { على صِرَاط } يجوز أن يكون متعلقاً ب «المُرْسَلِين »{[45674]} يقول : أَرْسَلْتُ عليه ، كما قال تعالى : { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً } [ الفيل : 3 ] وأن يكون متعلقاً بمحذوف على أنه حال من الضمير المستكنِّ في «لَمِنَ المُرْسَلِين » لوقوعه خبراً{[45675]} ، وأن يكون حالاً من{[45676]} «المُرْسَلِينَ » وأن يكون خبراً ثانياً ل «إنَّكَ »{[45677]} .
أقسم بالقرآن على أن محمداً من المرسلين . وهو رد على الكفار ، حيث قالوا : ( لَسْتَ{[45678]} مُرْسَلاً ) .
فإن قيل : المطلب ثبت{[45679]} بالدليل لا بالقسم فما الحكمة بالإقْسَام ؟ ! .
الأول : إن العرب كانوا يتقون{[45680]} الأيمان الفاجرة وكانوا يقولون بأن الأيْمَان الفاجرة توجب خراب العالم وصحح النبي - عليه الصلاة والسلام{[45681]}- ذلك بقوله : «اليَمينُ الكَاذِبَةُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلاَقِعَ » . ثم إنهم كانوا يقولون : إن النبي عليه - ( الصلاة{[45682]} و ( السلام - يصيبه عذاب آلهتهم ، وهي الكواكب والنبي عليه ( الصلاة و ) السلام يحلف بأمر الله وإنزال كلامه عليه بأشياء مختلفة ، وما كان يصيبه عذاب بل كان كل يوم أرْفَعَ شَأْناً وأمْنَعَ مَكَاناً ، فكان ذلك يوجب اعتقاد أنه ليس بكاذب .
الثاني : أن المُتَنَاظِرَ ( يْنِ ){[45683]} إذا وقع بينهما كلام ، وغلب أحدهما الآخر بتمشية دليله وأسكته يقول المغلوب : إنك قدرت هذا بقوة جدالك ، وأنت خبير في نفسك بضعف مقالتك ، وتعلم أن الأمر ليس كما تقول وإن أقمت عليه الدليل صورة ، وعجزت أنا عن القدح فيه وهذا كثير الوقوع بين المُتَناظِرَيْنِ فعند هذا لا يجوز أن يأتي هو بدليل آخر ؛ لأن الساكت المنقطع يقول في الدليل الآخر ما قاله في الأول ، فلا يجد أمراً إلا باليمين فيقول : وَاللَّهِ إنِّي لَسْتُ مُكَابِراً ، وإنَّ الأمر على ما ذكرت ولم علمت خلافه لرَجَعْتُ إليه فههنا يتعين اليمين ، فكذلك النبي عليه ( الصلاة و ) السلام أقام البراهين ، وقالت الكفرة : { مَا هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ } [ سبأ : 43 ] وقالوا { لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ } [ الأحقاف : 7 ] فالتمسك{[45684]} بالأيْمان لعدم فائدة .
الدليل الثالث : أن هذا ليس مجرد الحلف بل دليل خرج في صورة اليمين ؛ لأن القرآن معجزة ودليل كَوْنه مُرْسَلاً هو المعجزة والقرآن كذلك .
فإن قيل : لِمَ لَمْ يذكر في صورة الدليل ؟ وما الحكمة في صورة اليمين ؟
فالجواب : أن الدليل إذا ذكر لا في صورة اليمين ، قد لا يُقْبِلُ عليه السامع فلا يفيد فائدة ، فإذا ابتدأ{[45685]} به على صورة اليمين لا يقع ولا سيما من العظيم إلا على عظيم ، والأمر العظيم تتوفر الدواعي على الإصْغاء إليه فلصورة اليمين تقبل عليه الأسماع لكونه دليلاً شافياً يتشربه الفؤاد فيقع في السمع وفي القلب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.