الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{قَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (125)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فرد السحرة على فرعون، {قالوا إنا إلى ربنا منقلبون}، يعني راجعين.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال السحرة مجيبة لفرعون، إذ توعدهم بقطع الأيدي والأرجل من خلاف والصلب:"إنّا إلى رَبّنا مُنْقَلِبُونَ" يعني بالانقلاب إلى الله الرجوع إليه والمصير.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{قالوا إنا إلى ربنا منقلبون} وقوله في موضع آخر: {قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون} [الشعراء: 50] هذان، والله أعلم، يخرّجان على وجهين: [أحدهما]: على الإقرار منهم بالبعث والإيمان به.

والثاني: وعيد منهم لفرعون حين أوعدهم بقطع الأيدي والأرجل والصلب وغير ذلك من العقوبات، فقالوا: {إنا} وأنت {إلى ربنا منقلبون} فتجزى وتعاقب جزاء صنيعك ربنا.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وغرضهم بهذا التسلي في الصبر على الشدة، لما عليه من المثوبة، مع مقابلة وعيده بوعيد هو أشد عليه، هو عقاب الله. والانقلاب: مصير الشيء على نقيض ما كان عليه مما يتغير به، واذا صار إلى الآخرة بعد الدنيا فانقلب إليها، وإذا كان على خلق فتركه إلى ضده فقد انقلب إليه.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

لما كان مصيرهم إلى الله سهل عليهم ما لقوا في مسيرهم إلى الله.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{إِنَّا إلى رَبّنَا مُنقَلِبُونَ} فيه أوجه؛ أن يريدوا: إنا لا نبالي بالموت لانقلابنا إلى لقاء ربنا ورحمته وخلاصنا منك ومن لقائك. أو ننقلب إلى الله يوم الجزاء فيثيبنا على شدائد القطع والصلب، أو إنا جميعاً يعنون أنفسهم وفرعون ننقلب إلى الله فيحكم بيننا، أو إنا لا محالة ميتون منقلبون إلى الله، فما تقدر أن تفعل بنا إلاّ ما لا بدّ لنا منه...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هذا تسليم من مؤمني السحرة، واتكال على الله، وثقة بما عنده.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان حالاً يشوق النفوس إلى جوابهم، استأنفه بقوله: {قالوا} أي أجمعون، لم يرتع منهم إنسان ولا تزلزل عما منحه الله به من رتبة الإيمان {إنا إلى ربنا} أي الذي ما زال يحسن إلينا بنعمه الظاهرة والباطنة حتى جعل آخر ذلك أعظم النعم، لا إلى غيره {منقلبون} أي بالموت انقلاباً ثابتاً لا انفكاك لنا عنه إن صلبتنا أو تركتنا، لا طمع لنا في البقاء في الدنيا، فنحن لا نبالي -بعد علمنا بأنا على حالة السعداء- بالموت على أيّ حالة كان، أو المراد أنا ننقلب إذا قتلتنا إلى من يحسن إلينا بما منه الانتقام منك.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

أي إلى رحمته سبحانه وثوابه عائدون إن فعلت بنا ذلك، فيا حبذاه.

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

وههنا يرد سؤال: ماذا كان من أمر السحرة عندما سمعوا هذا التهديد والوعيد؟ وبم أجابوا ذلك الجبار العتيد؟ وجوابه هنا {قالوا إنّا إلى ربنا منقلبون} يجوز أن يكونوا قد عنوا بقولهم هذا أنفسهم وحدها وأرادوا أنهم لا يبالون ما يكون من قضائه فيهم وقتله لهم لأنهم راجعون إلى ربهم، راجون مغفرته ورحمته بهم، وحينئذ يكون تعجيل قتلهم سببا لقرب لقائه، والتمتع بحسن جزائه. ويجوز أن يكونوا قد عنوا أنفسهم وفرعون جميعا وأرادوا أننا وإياك سننقلب إلى ربنا، فلئن قتلتنا فما أنت بخالد بعدنا، وسيحكم عز وجل بعدله بينك وبيننا، وفيه تعريض بكذبه في دعوى الربوبية، وتصريح بإيثار ما عند الله تعالى على ما عنده من الشهوات الدنيوية، وفي سورة الشعراء {قالوا لا ضير إنّا إلى ربّنا منقلبون * إنّا نطمع أن يغفر لنا ربّنا خطايانا أن كنّا أوّل المؤمنين} [الشعراء: 50، 51] وهو يؤيد المعنى الأول ولا ينافي الثاني لأنه يشمل الأول.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ولكن النفس البشرية حين تستعلي فيها حقيقة الإيمان؛ تستعلى على قوة الأرض، وتستهين ببأس الطغاة؛ وتنتصر فيها العقيدة على الحياة، وتحتقر الفناء الزائل إلى جوار الخلود المقيم. إنها لا تقف لتسأل: ماذا ستأخذ وماذا ستدع؟ ماذا ستقبض وماذا ستدفع؟ ماذا ستخسر وماذا ستكسب؟ وماذا ستلقى في الطريق من صعاب وأشواك وتضحيات؟.. لأن الأفق المشرق الوضيء أمامها هناك، فهي لا تنظر إلى شيء في الطريق. (قالوا: إنا إلى ربنا منقلبون. وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا. ربنا أفرغ علينا صبراً، وتوفنا مسلمين).. إنه الإيمان الذي لا يفزع ولا يتزعزع. كما أنه لا يخضع أو يخنع. الإيمان الذي يطمئن إلى النهاية فيرضاها، ويستيقن من الرجعة إلى ربه فيطمئن إلى جواره.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وهذا جواب عن وعيد فرعون بأنه وعيد لا يضيرهم، لأنهم يعلمون أنهم صائرون إلى الله رب الجميع، وقد جاء هذا الجواب موجزاً إيجازاً بديعاً لأنه يتضمن أنهم يرجون ثواب الله على ما ينالهم من عذاب فرعون، ويرجون منه مغفرة ذنوبهم، ويرجون العقابَ لفرعون على ذلك، وإذا كان المراد بالصلب القتل وكان المراد تهديد جميع المؤمنين، كان قولهم: {إنا إلى ربنا منقلبون} تشوقاً إلى حلول ذلك بهم محبة للقاء الله تعالى، فإن الله تعالى لما هداهم إلى الإيمان أكسبهم محبة لقائه، ثم بينوا أن عقاب فرعون لا غضاضة عليهم منه، لأنه لم يكن عن جناية تَصمهم بل كان على الإيمان بآيات لما ظهرت لهم. أي: فإنك لا تعرف لنا سبباً يوجب العقوبة غير ذلك.

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

غير أن سحرة فرعون الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم وأدركوا البون الشاسع بين ما كانوا عليه من معتقدات الشرك والوثنية، وعقيدة الإيمان والتوحيد التي تلقوها عن موسى غضة طرية، لم يفت في عضدهم تهديد ولا وعيد، ولا صلب ولا تشريد فأعلنوها صيحة مدوية، أمام فرعون الطاغية {قالوا إنا إلى ربنا منقلبون، وما تنقم منا إلا أن – آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا} كأنهم يلوحون بذلك إلى بطلان التهمة المزورة التي اتهمهم بها زورا وبهتانا، لمجرد القضاء عليهم، والتخلص منهم، باسم حماية الدولة من المتآمرين عليها والكائدين لها. ثم اتجهوا إلى الحق سبحانه وتعالى الذي أشرق نور الإيمان به في قلوبهم ضارعين خاشعين {ربنا أفرغ علينا صبرا} أي صبرا عظيما نتحمل به عدوان فرعون وملإه، وما يهددنا به من قطع وصلب. {وتوفنا مسلمين} وكأنهم في هذا المقام لم يعد يهمهم من الحياة إلا أمر واحد، هو أن يختم الله لهم بالخاتمة الحسنى، وهي الوفاة على ملة الإسلام، التي هي ملة جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهكذا بعدما كانوا في أول النهار سحرة كفرة، أصبحوا في آخره شهداء بررة، كما صرح بذلك جماعة من مفسري السلف.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

إنك قد عجلت لنا الخير لأننا سنكون في جوار ربنا، فأنت بطيشك وحماقتك قد أسديت لنا معروفا وخيرا من حيث لا تدري.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

إننا سننقلب إلى ربنا وسنرجع إليه، وسنجد عنده كل رحمةٍ ومغفرةٍ ورضوان، وسيدخلنا الله جنّته حيث السعادة كلّ السعادة، والرضا كل الرضا، وبذلك فإن التهديد لا يمكن أن يمثل أيَّ ضغطٍ نفسيٍّ أو ماديٍّ لحساب التراجع، فنحن لن نتراجع أبداً، لأننا لا نشعر بالسقوط أمام ذلك كله.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

يعني إذا تحقق تهديدك الثّاني (وهو القتل) فمعناه أنّنا سننال الشهادة في سبيل الدفاع عن الحق، وهذا لا يوجب ضرراً علينا، ولا ينقصنا شيئاً، بل يُعدّ سعادة وفخراً عظيماً لنا.