المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَٰهِدُونَ} (48)

47 - والسماء أحكمناها بقوة ، وإنا لقادرون على أكثر من ذلك{[208]} . والأرض بسطناها ، فنعم المهاد الذي ينتفع به الإنسان .


[208]:تشير هذه الآية الكريمة إلى معان علمية كثيرة، منها: أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون الواسع بقوة وهو على ما يشاء قدير، ومعنى السماء في الآية كل ما علا الجرم (الشيء) وأظله، فكل ما حول الأجرام من كواكب ونجوم ومجموعات شمسية ومجرات (سماء) هذا الجزء المرئي من الكون متسع اتساعا لا يدركه العقل ولا يتسنى تحديده، إذ المسافات فيه تقاس بملايين السنين الضوئية، والسنة الضوئية ـ على ما أثبته العلم الحديث في هذا القرن العشرين ـ هي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعة تبلغ 000ر300 ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية، وعبارة الآية الكريمة (وإنا لموسعون) تشير إلى ذلك: أي إلى تلك السعة المذهلة التي عليها الكون منذ خلقه. كما أنها تشير أيضا إلى أن التوسعة مستمرة على الزمن، وهو ما أثبته العلم الحديث أيضا، وعرف بنظرية التمدد التي أصبحت حقيقة علمية في أوائل هذا القرن. وحاصلها أن السدم خارج المجرة التي نعيش فيها تبتعد عنا بسرعات متفاوتة، بل إن الأجرام السماوية في المجرة الواحدة تبتعد بعضها عن بعض.

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَٰهِدُونَ} (48)

قوله تعالى : { والأرض فرشناها } بسطناها ومهدناها لكم ، { فنعم الماهدون } الباسطون نحن : قال ابن عباس : نعم ما وطأت لعبادي .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَٰهِدُونَ} (48)

{ والأرض فرشناها } مهدناها لتستقروا عليها . { فنعم الماهدون } أي نحن .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَٰهِدُونَ} (48)

القول في تقديم { الأرض } على عامله ، وفي مجيء طريقة الاشتغال كالقول في { والسماء بنيناها } [ الذاريات : 47 ] . وكذلك القول في الاستدلال بذلك على إمكان البعث .

من دقائق فخر الدين : أن ذكر الأمم الأربع للإِشارة إلى أن الله عذّبهم بما هو من أسباب وجودهم ، وهو التراب والماء والهواء والنار ، وهي عناصر الوجود ، فأهلك قوم لوط بالحجارة وهي من طين ، وأهلك قوم فرعون بالماء ، وأهلك عاداً بالريح وهو هواء ، وأهلك ثموداً بالنار .

واستغنى هنا عن إعادة { بأييد } [ الذاريات : 47 ] لدلالة ما قبله عليه .

والفرش : بسط الثوب ونحوه للجلوس والاضطجاع ، وفي { فرشناها } استعارة تبعية ، شبه تكوين الله الأرضَ على حالة البسط بفرش البساط ونحوه .

وفي هذا الفرش دلالة على قدرة الله وحكمته إذ جعل الأرض مبسوطة لمَّا أراد أن يجعل على سطحها أنواع الحيوان يمشي عليها ويتوسدُها ويضطجع عليها ولو لم تكن كذلك لكانت مُحدودبة تؤلم الماشي بَلْهَ المتوسد والمضطجع .

ولما كان في فرشها إرادة جعلها مَهداً لمن عليها من الإِنسان أتبع { فرشناها } بتفريع ثناء الله على نفسه على إجادة تمهيدها تذكيراً بعظمته ونعمته ، أي فنعم الماهدون نحن .

وصيغة الجمع في قوله : { الماهدون } للتعظيم مثل ضمير الجمع في ( . . . ) ، وروعي في وصف خلق الأرض ما يبدو للناس من سطحها لأنه الذي يهم الناس في الاستدلال على قدرة الله وفي الامتنان عليهم بما فيه لطفهم والرفق بهم ، دون تعرض إلى تكويرها إذ لا يبلغون إلى إدراكه ، كما روعي في ذكر السماء ما يبدو من قبة أجوائها دون بحث عن ترامي أطرافها وتعدد عوالمها لمثل ذلك . ولذلك أتبع الاعتراض بالتذييل بقوله : { فنعم الماهدون } المراد منه تلقين الناس الثناء على الله فيما صنع لهم فيها من مِنَّةٍ ليشكروه بذلك الثناء كما في قوله : { الحمد لله رب العالمين } [ الفاتحة : 2 ] .