فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَٰهِدُونَ} (48)

{ والأرض فرشناها فنعم الماهدون( 48 ) } .

بسطنا الأرض ، وذللناها لكم ، تسكنونها وتعمرونها ، وتشيدون عليها ، وتزرعونها ، وتنتشرون في مناكبها وتفترشونها ، وتستقرون عليها بعد تقلبكم كما يأوي الطفل إلى مهده وفراشه ؛ ومن رحمتنا أن أحطناكم بما تعظم به النعمة ، وبما جعلناه سببا لدفع المهالك إلى حين ، فالهواء الذي حولنا به قوام حياتنا ، ومنه نستمد أنفاسنا ، ولو زاد [ أكسيجينه ] لاشتعل الكون ، ولو زاد [ ثاني أكسيد كاربونه ] لاختنق الأحياء ، ولو انعدم لهلك النبات ؛ والجاذبية الأرضية لولاها لما قام قائم على ساق ، ولا استقر حيّ على وجه هذا الكوكب السابح الدوّار ، ولولا الغلاف الغازي المحيط بالأرض لأحرقتها الشهب ، وأهلكتها الأشعة الكونية القاتلة ؛ أليست تلك العناية الحكيمة وهذا التدبير اللطيف من أحكم ما تُهيأ به الأرض لتكون مهادا لمن يعيشون عليها ؟ !

تبارك الذي جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا ، وأسكنها ماءا معينا ، وملأ بحارها ملحا أجاجا ؛ ومن ترابها خلقنا ، وفي طياتها تُوارَى أجسادنا ، ثم يخرجنا منها يوم يأمرها أن تتشقق ، فنخرج من الأجداث سراعا .