وبعد فإذا كان ما جاء إلى الرسول هو الحق الذي لا مرية فيه ، فما تعليل إصرار قوم على التكذيب ولجاجهم فيه ? تعليله أن كلمة اللّه وسنته قد اقتضت أن من لا يأخذ بأسباب الهدى لا يهتدي ، ومن لا يفتح بصيرته على النور لا يراه ، ومن يعطل مداركه لا ينتفع بوظيفتها ، فتكون نهايته إلى الضلال ، مهما تكن الآيات والبينات ، لأنه لا يفيد شيئاً من الآيات والبينات . وعندئذ تكون كلمة اللّه وسنته قد حقت عليهم وتحققت فيهم :
تبين تناسب هذه الآية مع التي قبلها بما فسرنا به الآية السابقة فإنه لما سبق التعريض إلى المشركين الشّاكّين في صدق النبي صلى الله عليه وسلم والاستشهاد عليهم في صدقه بشهادة أهل الكتاب أعقب ذلك بأنهم من زمرة الفرق الذين حقت عليهم كلمة الله أن لا يؤمنوا ، فهم لا تجدي فيهم الحجة لأنهم أهل مكابرة ، وليسوا طالبين للحق لأن الفطرة التي فطرت عليها عقولهم غيرُ قابلة لحقائق الإيمان ، فالذين لم يؤمنوا بما يجيء من الآيات هم ممن علم الله أنهم لا يؤمنون ، تلك أماراتهم . وهذا مَسوق مساق التأييس من إيمانهم .
ومعنى ( حقت ) ثبتت . و ( على ) للاستعلاء المجازي ، وهو تمكن الفعل الذي تعلقت به . والمراد بكلمات الله : أمر التكوين ، وجمعت الكلمات بالنظر إلى أن متعلقها ناس كثيرون ، فكل واحد منهم تحق عليه كلمة .
وقرأ غير نافع ، وابن عامر { كلمةُ ربك } على مراعاة الجنس إذ تحق على كل أمة كلمة ، وهذا الكلام عظة للمشركين . قال غيرهم : وتحذير من أن يكونوا مظهراً لمن حقت عليهم كلمة الشقوة وإنذار بوشك حلول العذاب بهم .
فالموصول على هذا التفسير مراد به معهود ، والجملة كلها مستأنفة ، و ( إنّ ) للتوكيد المقصود به التحقيق ، أي لا شك أن هؤلاء من أولئك فقد اتضح أمرهم واليأس من إيمانهم .
ويحتمل أن تجعل الجملة في موضع التعليل للقصص السابقة فتكون بمنزلة التذييل ، والموصول للعموم الجامع جميع الأمم التي هي بمثابة الأمم المتحدث عنهم وتكون ( إن ) لمجرد الاهتمام بالخبر ، فتفيد التعليل والربط ، وتغني عن فاء التفريع كالتي في قول بشار :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.