وأما أنت { فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ } فعلا واتصافا ، بما يأمر بالاتصاف به ودعوة إليه ، وحرصا على تنفيذه في نفسك وفي غيرك . { إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } موصل إلى الله وإلى دار كرامته ، وهذا مما يوجب عليك زيادة التمسك به والاهتداء إذا علمت أنه حق وعدل وصدق ، تكون بانيا على أصل أصيل ، إذا بنى غيرك على الشكوك والأوهام ، والظلم والجور .
لما هوّن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما يلاقيه من شدة الحرص على إيمانهم ووعده النصر عليهم فَرّع على ذلك أن أمره بالثبات على دينه وكتابِه وأن لا يخورَ عزمه في الدعوة ضجراً من تصلبهم في كفرهم ونفورهم من الحق .
والاستمساك : شدة المسك ، فالسين والتاء فيه للتأكيد . والأمر به مستعمل في طلب الدوام ، لأنّ الأمر بفعل لمن هو مُتلبس به لا يكون لطلب الفعل بل لمعنى آخر وهو هنا طلب الثبات على التمسك بما أوحي إليه كما دلّ عليه قوله : { إنك على صراط مستقيم } وهذا كما يُدعى للعزيز المُكرَم ، فيقال : أعزك الله وأكرمك ، أي أدام ذلك وقوله : أحياك الله ، أي أطال حياتك ، ومنه قوله تعالى في تعليم الدعاء { اهدْنا الصراط المستقيم } [ الفاتحة : 6 ] .
والذي أوحي إليه هو القرآن . وجملة { إنك على صراط مستقيم } تأييد لطلب الاستمساك بالذي أوحي إليه وتعليل له .
والصراط المستقيم : هو العمل بالذي أوحي إليه ، فكأنه قيل : إنَّه صراط مستقيم ، ولكن عدل عن ذلك إلى { إنك على صراط مستقيم } ليفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم راسخ في الاهتداء إلى مراد الله تعالى كما يتمكن السائر من طريق مستقيم لا يشوبه في سيره تردّد في سلوكه ولا خشية الضلال في بُنياته . ومِثله قوله تعالى : { إنّك على الحق المبين } في سورة النمل ( 79 ) .
وحرف { على } للاستعلاء المجازي المراد به التمكن كقوله : { أولئِك على هدى من ربّهم } [ البقرة : 5 ] . وهذا تثبيت للرّسول صلى الله عليه وسلم وثناء عليه بأنه ما زاغ قِيد أنملة عمّا بعثه الله به ، كقوله : { إنك على الحق المبين } ويتبعه تثبيت المؤمنين على إيمانهم . وهذا أيضاً ثناء سادس على القرآن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.