{ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } في العبادة والمحبة والخوف والرجاء وندعوكم كما ندعوه فتبين لهم حينئذ ضلالهم وأقروا بعدل الله في عقوبتهم وأنها في محلها وهم لم يسووهم برب العالمين إلا في العبادة لا في الخلق بدليل قولهم { برب العالمين } إنهم مقرون أن الله رب العالمين كلهم الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم
{ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } أي : يقول الضعفاء الذين استكبروا : { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ } [ غافر : 47 ] . ويقولون وقد عادوا على أنفسهم بالملامة : { تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } أي : نجعل أمركم مطاعًا كما يطاع أمر رب العالمين ، وعبدناكم مع ربِ العالمين .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إذ نسويكم} يعني: نعدلكم يا معشر الشياطين {برب العالمين} في الطاعة، فهذه خصومتهم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"إذْ نُسَوّيكُمْ بِرَبّ العالَمِينَ" يقول الغاوون للذين يعبدونهم من دون الله: تالله إن كنا لفي ذهاب عن الحق حين نعدلكم برب العالمين، فنعبدكم من دونه.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
فإن كان قولهم هذا للأصنام التي عبدوها، فذلك في تسميتهم آلهة وجعلهم العبادة لها يسوونها برب العالمين في التسمية والعبادة. وإن كان قولهم هذا للشياطين فهو في أتباعهم أمرهم ودعاءهم الذي دعوهم...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
... والتسوية: إعطاء أحد الشيئين مثل ما يعطى الآخر، ومثله المعادلة والموازنة. والمراد -ههنا- الشركة في العبادة.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
ولا فضيحةَ أقبحُ ولا عيبَ فيهم أشنعُ مما يعترفون به على أنفسهم بقولهم: {إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} فإنَّ أقبحَ أبوابِ الشِّرْكِ وأشنعَ أنواعِ الكُفْرِ وأقبحَ أحوالِهم -التشبيهُ في صفة المعبود.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{إذ نسويكم برب العالمين} أي في استحقاق العبادة، ويجوز أن تكون الضمائر للعبد كما في {قالوا} والخطاب للمبالغة في التحسر والندامة، والمعنى أنهم مع تخاصمهم في مبدأ ضلالهم، معترفون بانهماكهم في الضلالة متحسرون عليها.
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
وقوله تعالى: {إِذْ نُسَوّيكُمْ بِرَبّ العالمين}... وصيغةُ المضارعِ لاستحضار الصُّورةِ الماضية أي تالله لقد كُنَّا في غاية الضَّلالِ الفاحش وقت تسويتنا إيَّاكُم أيُّها الأصنامُ في استحقاقِ العبادة بربِّ العالمين الذي أنتمُ أدنى مخلوقاتِه وأذلُّهم وأعجزُهم.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
{إذ نسويكم} ظرف متعلق ب {كنّا} أي كنا في ضلال في وقت إنا نسوّيكم برب العالمين... والتسوية: المعادَلة والمماثلة، أي إذ نجعلكم مثل ربّ العالمين، فالظاهر أنهم جعلوهم مثله مع الاعتراف بالإلهية وهو ظاهر حال إشراكهم كما تقدم في قوله: {فإنهم عدوٌّ لي إلا ربَّ العالمين} [الشعراء: 77]، ويحتمل أنهم جعلوه مثله فيما تبين لهم من إلهيته يومئذ إذ كانوا لا يؤمنون بالله أصلاً في الدنيا، فهي تسوية بالمآل، وقد آبوا إلى الاعتراف بما تضمنته كلمة إبراهيم لهم في الدنيا إذ قال لهم {فإنهم عدوٌّ لي إلا رب العالمين} [الشعراء: 77].
وضمير الخطاب في {نسويكم} موجه إلى الأصنام، وهو من توجيه المتندم الخطابَ إلى الشيء الذي لا يعقل وكان سبباً في الأمر الذي جرّ إليه الندامة بتنزيله منزلة من يعقل ويسمع. والمقصود من ذلك المبالغة في توبيخ نفسه...
وصيغ {نسويكم} في صيغة المضارع لاستحضار الصورة العجيبة حين يتوجهون إلى الأصنام بالدعاء والنعوت الإلهية.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
أجل... إن العبدَةَ الضالين الغاوين يقسمون بالله فيقولون: (تالله إن كنّا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلّنا إلاّ المجرمون)...
المجرمون الذين كانوا سادة مجتمعاتنا ورؤساءنا وكبراءنا، فأضلونا حفظاً لمنافعهم، وجرّونا إلى طريق الشقوة والغواية... كما يحتمل أن يكون المراد من المجرمين هم الشياطين أو الأسلاف الضالين الذين جرّوهم إلى هذه العاقبة الوخيمة.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.