68 - أفرأيتم الماء العذب الذي تشربون منه ، أأنتم أنزلتموه من السحاب أم نحن المنزلون له رحمة بكم{[218]} ؟
{ 68-70 } { أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ }
لما ذكر تعالى نعمته على عباده بالطعام ، ذكر نعمته عليهم بالشراب العذب الذي منه يشربون ، وأنهم لولا أن الله يسره وسهله ، لما كان لكم سبيل إليه .
القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمُ الْمَآءَ الّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : أفرأيتم أيها الناس الماء الذي تشربون ، ءأنتم أنزلتموه من السحاب فوقكم إلى قرار الأرض ، أم نحن منزلوه لكم . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله المُزن ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : مِنَ المُزْنِ قال السحاب .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : أأنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أي من السّحاب .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أأَنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ قال : المزن : السحاب اسمها ، أنزلتموه من المزن ، قال : السحاب .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ قال : المزن : السماء والسحاب .
هذا على طريقة قوله : { أفرأيتم ما تحرثون } [ الواقعة : 63 ] الآية ، تفريعاً واستفهاماً ، وفعلَ رؤية .
ومناسبةُ الانتقال أن الحرث إنما ينبت زرعه وشجره بالماء فانتقل من الاستدلال بتكوين النبات إلى الاستدلال بتكوين الماء الذي به حياة الزرع والشجر . ووصفُ { الماء } ب { الذي تشربون } إدماجٌ للمنة في الاستدلال ، أي الماء العذب الذي تشربونه ، فإن شرب الماء من أعظم النعم على الإنسان ليقابَل بقوله بعده : { لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون } [ الواقعة : 70 ] .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: أفرأيتم أيها الناس الماء الذي تشربون، ءأنتم أنزلتموه من السحاب فوقكم إلى قرار الأرض، أم نحن منزلوه لكم.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{أفرأيتم الماء الذي تشربون} {أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} يذكر نعمه عليهم بما أنزل إليهم من الماء العذب، فيشربون...
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
(أفرأيتم) هذا مذكور للتنبيه على ما فيه من الدليل...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{أفرءيتم} أي أخبروني هل رأيتم بالبصر أو البصيرة ما نبهنا عليه مما مضى في المطعم وغيره، أفرأيتم {الماء} ولما كان منه ما لا يشرب، وكانت النعمة في المشروب أعظم، قال واصفاً له بما أغنى عن وصفه بالعذوبة، وبين موضع النعمة التي لا محيد عنها فقال: {الذي تشربون}.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
هذا على طريقة قوله: {أفرأيتم ما تحرثون} [الواقعة: 63] الآية، تفريعاً واستفهاماً، وفعلَ رؤية.
ومناسبةُ الانتقال أن الحرث إنما ينبت زرعه وشجره بالماء فانتقل من الاستدلال بتكوين النبات إلى الاستدلال بتكوين الماء الذي به حياة الزرع والشجر. ووصفُ {الماء} ب {الذي تشربون} إدماجٌ للمنة في الاستدلال، أي الماء العذب الذي تشربونه، فإن شرب الماء من أعظم النعم على الإنسان ليقابَل بقوله بعده: {لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون} [الواقعة: 70].