وثانيها : يتجلى فى قوله - تعالى - : { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } أى : وما كان لنا عليكم من قوة أو غلبة تجبركم على البقاء فى الكفر والضلال ، ولكنكم أنتم الذين رضيتم بالكفر عن اختيار واقتناع منكم به .
وثالثها قوله - تعالى - : { بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } أى : نحن لم يكن لنا سلطان عليكم ، بل أنتم الذين كنتم فى الدنيا قوما طاغين وضالين مثلنا . والطغيان مجاوزة الحد فى كل شئ .
{ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ }{[24943]} أي : من حجة على صحة ما دعوناكم إليه ، { بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ } أي : بل كان فيكم طغيان ومجاوزة للحق ، فلهذا استجبتم لنا وتركتم الحق الذي جاءتكم به الأنبياء ، وأقاموا لكم الحجج على صحة ما جاءوكم به ، فخالفتموهم .
و{ ما كان لنا عليكم من سلطان } أي من قهر وغلبة حتى نُكرهكم على رفض الإِيمان ، ولذلك أكدوا هذا المعنى بقولهم : { بل كنتم قوماً طاغِينَ } ، أي كان الطغيان وهو التكبر عن قبول دعوة رجل منكم شأنَكم وسجيتكم ، فلذلك أقحموا لفظ { قوماً } بين « كان » وخبرها لأن استحضارهم بعنوان القومية في الطغيان يؤذن بأن الطغيان من مقومات قوميتهم كما قدمنا عند قوله تعالى : { لآيات لقوم يعقلون } في سورة [ البقرة : 164 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وما كان لنا عليكم من سلطان} من ملك فنكرههم على متابعتنا.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"وَما كانَ لنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ" يقول: قالوا: وما كان لنا عليكم من حُجّة، فنصدّكم بها عن الإيمان، ونحول بينكم من أجلها وبين اتباع الحقّ.
"بَلْ كُنْتُمْ قَوْما طاغِينَ" يقول: قالوا لهم: بل كنتم أيها المشركون قوما طاغين على الله، متعدّين إلى ما ليس لكم التعدّي إليه من معصية الله وخلاف أمره.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي ما كان لنا عليكم من حجة أو برهان ألزمناكم به، بل أطعتمونا طوعا، واستجبتم لنا لما دعوناكم.
{بل كنتم قوما طاغين} بطغيانكم اتبعتمونا لا بما ذكرتم.
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :
{...من سلطان} من قوة وقدرة فتقهركم على متابعتنا.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ} من تسلط نسلبكم به تمكنكم واختياركم.
{بَلْ كُنتُمْ قَوْماً} مختارين الطغيان...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{بل كنتم} أي جبلة وطبعاً {قوماً} أي ذوي قوة وكفاية لما تحاولونه من الأمور.
{طاغين} أي مجاوزين لمقاديركم غالين في الكفر مسرفين في المعاصي والظلم.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
كان الطغيان وهو التكبر عن قبول دعوة رجل منكم شأنَكم وسجيتكم.
{وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ} والسلطان إما سلطانُ قوة يقهركم على الفعل، وإما سلطان حجة يقنعكم بالكفر، فليس لنا عليكم لا سلطانُ قوة وقهر، ولا سلطان حجة وإقناع.
{بَلْ كُنتُمْ} بطبيعتكم {قَوْماً طَاغِينَ} أي: متجاوزين للحدِّ في الكفر وفي الضلال. وهذه تعليمة إبليس يقولها لأتباعه في الآخرة حين يتبرأ منهم ويُلقي عليهم مسئولية كفرهم...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.