تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭۖ بَلۡ كُنتُمۡ قَوۡمٗا طَٰغِينَ} (30)

الآية 30 وقالوا : { وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين } أي ما كان لنا عليكم من حجة أو برهان ألزمناكم [ به ]{[17691]} بل أطعتمونا طوعا ، واستجبتم لنا لما دعوناكم .

فهذه المناظرة والمجادلة في ما بينهم كمناظرة إبليس في موضع آخر حيث قال : { وقال الشيطان لما قُضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } [ إبراهيم : 22 ] أي دعوتكم بلا{[17692]} حجة ولا برهان فاستجبتم لي .

فعلى ذلك يقول هؤلاء { بل لم تكونوا مؤمنين } باختياركم ترك الإيمان بلا سلطان ولا حجة عليكم ومناظرة القادة مع الأتباع حين{[17693]} قال { وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل } [ الأعراف : 39 ] ونحوه ، والله أعلم .

ويحتمل قوله : { قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } أي من جهة القوة ، أي إنكم على الحق ، وإنكم مؤمنون ونحو ذلك .

ويحتمل لا على حقيقة اليمين ، ولكن تأتوننا من كل جهة كقوله : { ثم لأتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم } الآية [ الأعراف : 17 ] أي من كل جهة لا على حقيقة ما ذكرنا ، والله أعلم .

وقد ذكرنا أن قوله عز وجل : { وما كان له عليهم من سلطان } أي لم يكن لاتّباعهم إيانا وطاعتكم لنا حجة أو برهان أقمناه عليكم في ما دعوناكم إليه اتباعا من غير أن ألزمناكم ، فلا تلومونا ، ولكن لوموا أنفسكم { بل كنتم قوما طاغين } أي بطغيانكم اتبعتمونا لا بما ذكرتم ، والله أعلم .


[17691]:من م، ساقطة من الأصل.
[17692]:من م، في الأصل: فلا.
[17693]:في الأصل و م: حيث.