ومن ذلك وصفهم القرآن بأنه سحر ، وعجبهم مما يعدهم به من البعث :
وقالوا : إن هذا إلا سحر مبين . أإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أإنا لمبعوثون ? أو آباؤنا الأولون ? . .
لقد غفلوا عن آثار قدرة الله فيما حولهم ، وفي ذات أنفسهم . غفلوا عن آثار هذه القدرة في خلق السماوات والأرض وما بينهما ؛ وفي خلق الكواكب والشهب ؛ وفي خلق الملائكة والشياطين ؛ وفي خلقهم هم أنفسهم من طين لازب . . غفلوا عن آثار القدرة في هذا كله ووقفوا يستبعدون على هذه القدرة أن تعيدهم إذا ماتوا وصاروا تراباً وعظاماً ، هم وآباءهم الأولين ! وما في هذا البعث والإعادة من غريب على تلك القدرة ولا بعيد ؛ لمن يتأمل هذا الواقع ويتدبره أقل تدبر ؛ في ضوء هذه المشاهدات التي تحيط بهم في الآفاق وفي أنفسهم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون من قُرَيش بالله لمحمد صلى الله عليه وسلم: ما هذا الذي جئتنا به "إلاّ سحرٌ مبين". يقول: يبين لمن تأمله ورآه أنه سحر. "أئِذَا مِتْنا وكُنّا تُرَابا وَعِظاما أئِنّا لَمَبْعُوثُونَ "يقولون، منكرين بعث الله إياهم بعد بلائهم: أئنا لمبعوثون أحياء من قبورنا بعد مماتنا، ومصيرنا ترابا وعظاما، قد ذهب عنها اللحوم، "أوَ آباؤُنا الاوّلُونَ" الذين مضوا من قبلنا، فبادوا وهلكوا؟ يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء: نعم أنتم مبعوثون بعد مصيركم ترابا وعظاما أحياء كما كنتم قبل مماتكم، وأنتم داخرون... وقوله: "وأنْتُم داخِرُونَ" يقول تعالى ذكره: وأنتم صاغرون أشدّ الصّغَر من قولهم: صاغر داخر.
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :
إلا سحر مبين: يبين لمن تأمله ورآه أنه سحر ظاهر واضح.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
إذا عجزوا عن مقابلة المعجزات بشيء قالوا: هذا سحر وتخييل وخداع...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان إنكارهم للبعث ولو صدر منهم مرة واحدة في الشناعة والعظم والقباحة مثل تجديدهم للسخرية كلما سمعوا آية، والمبالغة فيها لأن دلائله من الظهور والوضوح بمكان، هو في غاية البعد عن الشكوك، دل على ذلك بالتعبير بالماضي فقال: {وقالوا} أي ما هو غاية في العجب: {إن} أي ما {هذا} أي الذي أتانا به من أمر البعث وغيره مما شاهدناه أو أخبرنا به {إلا سحر}.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
جعلوا أعلى الأشياء وأجلها، وهو الحق، في رتبة أخس الأشياء وأحقرها...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
من ذلك وصفهم القرآن بأنه سحر، وعجبهم مما يعدهم به من البعث، وقالوا: إن هذا إلا سحر مبين لقد غفلوا عن آثار قدرة الله فيما حولهم، وفي ذات أنفسهم، غفلوا عن آثار هذه القدرة في خلق السماوات والأرض وما بينهما؛ وفي خلق الكواكب والشهب؛ وفي خلق الملائكة والشياطين؛ وفي خلقهم هم أنفسهم من طين لازب.. غفلوا عن آثار القدرة في هذا كله ووقفوا يستبعدون على هذه القدرة أن تعيدهم إذا ماتوا وصاروا تراباً وعظاماً، هم وآباءهم الأولين! وما في هذا البعث والإعادة من غريب على تلك القدرة ولا بعيد؛ لمن يتأمل هذا الواقع ويتدبره أقل تدبر؛ في ضوء هذه المشاهدات التي تحيط بهم في الآفاق وفي أنفسهم.
{وَقَالُوۤاْ إِن هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}
معنى {إِن هَـٰذَآ} ما هذا إلا سحر {مُّبِينٌ} يعني: واضح، والسحر كما قلنا تخييل شيء غير واقع، فيُخيَّل إليك أنه واقع، فالسحر لا يغير حقيقة الشيء، إنما يسحر الناظر إليه، كما قال تعالى في سحرة فرعون: {.. سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ النَّاسِ} [الأعراف: 116]. وقال: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ} [طه: 66].
إذن: أين السحر من دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن قضية الإيمان التي يدعو الناس إليها؟ والرد على هذه الفِرْية سهل وواضح: إذا كانت عند محمد القدرة على أن يسحر الناس، فيؤمنوا بدعوته، وسحر هؤلاء الذين آمنوا، فَلِمَ لم يسحركم أنتم؟ إذن: هذا اتهام باطل لا معنى له.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
قولهم «هذا» المقصود منه تحقير المعجزات والآيات الإلهية والانتقاص منها، وإطلاقهم كلمة «سحر» على تلك المعجزات لكونها من جهة، أعمالا خارقة للعادة، ولا يمكن نكرانها، ومن جهة أخرى فإنّهم لم يكونوا راغبين للاستسلام لتلك المعاجز وكلمة السحر كانت الكلمة الوحيدة التي تعكس خبثهم وترضي أهواءهم النفسية، وتوضّح في نفس الوقت اعترافهم بالتأثير الكبير للقرآن ولمعجزات النّبي الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)...