{ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ } أي : الذين أكثروا من فعل الجرائم ، وهي الذنوب العظيمة من الشرك وغيره ، من المعاصي { فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ } أي : هم ضالون في الدنيا ، ضلال عن العلم ، وضلال عن العمل ، الذي ينجيهم من العذاب ، ويوم القيامة في العذاب الأليم ، والنار التي تتسعر بهم ، وتشتعل في أجسامهم ، حتى تبلغ أفئدتهم .
ثم يفصل كيف هي أدهى وأمر . يفصل هذا في مشهد عنيف من مشاهد القيامة :
( إن المجرمين في ضلال وسعر . يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ) . .
في ضلال يعذب العقول والنفوس ، وفي سعر تكوي الجلود والأبدان . . في مقابل ما كانوا يقولون هم وأمثالهم من قبل : أبشرا منا واحدا نتبعه ? إنا إذا لفي ضلال وسعر . ليعرفوا أين يكون الضلال وأين تكون السعر !
هذا الكلام بيان لقوله : { والساعة أدهى وأمر } [ القمر : 46 ] . واقتران الكلام بحرف { إن } لفائدتين ؛ إحداهما : الاهتمام بصريحه الإِخباري ، وثانيهما : تأكيد ما تضمنه من التعريض بالمشركين ، لأن الكلام وإن كان موجهاً للنبيء صلى الله عليه وسلم وهو لا يشك في ذلك فإن المشركين يبلغهم ويشيع بينهم وهم لا يؤمنون بعذاب الآخرة فكانوا جديرين بتأكيد الخبر في جانب التعريض فتكون { إنّ } مستعملة في غرضيها من التوكيد والاهتمام .
والتعبير عنهم ب { المجرمين } إظهار في مقام الإِضمار لإِلصاق وصف الإِجرام بهم .
والضلال : يطلق على ضد الهدى ويطلق على الخُسران ، وأكثر المفسرين على أن المراد به هنا المعنى الثاني . فعن ابن عباس : المراد الخسران في الآخرة ، لأن الظاهر أن { يوم يسحبون في النار } طرف للكون في ضلال وسعُر على نحو قوله تعالى : { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذٍ واجفة } [ النازعات : 6 8 ] ، وقوله : { ويوم القيامة هم من المقبوحين } [ القصص : 42 ] فلا يناسب أن يكون الضلال ضد الهدى .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أخبر عنهم، فقال: {إن المجرمين} في الدنيا {في ضلال} يعني في شقاء {وسعر} يعني وعناء...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"إنّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ "يقول تعالى ذكره: إن المجرمين في ذهاب عن الحقّ، وأخذ على غير هدى "وَسُعُرٍ" يقول: في احتراق من شدّة العناء والنصب في الباطل.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{إن المجرمين في ضلال وسُعُرٍ} جائز أن يكون قوله: {في ضلال} في الدنيا وفي السُّعُر في الآخرة، وهو السّعير. ويحتمل {في ضلال} في هلاك {وسُعر} في حيرة وجنون وتيه، كقوله تعالى: {إنا إذا لفي ضلال وسُعر}.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وأكثر المفسرين على أن {المجرمين} هنا يراد بهم الكفار.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يخبرنا تعالى عن المجرمين أنهم في ضلال عن الحق، وسُعُر مما هم فيه من الشكوك والاضطراب في الآراء...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
في ضلال يعذب العقول والنفوس، وفي سعر تكوي الجلود والأبدان.. في مقابل ما كانوا يقولون هم وأمثالهم من قبل: أبشرا منا واحدا نتبعه؟ إنا إذا لفي ضلال وسعر. ليعرفوا أين يكون الضلال وأين تكون السعر!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والضلال: يطلق على ضد الهدى ويطلق على الخُسران، وأكثر المفسرين على أن المراد به هنا المعنى الثاني.