وقوله : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين } تعليل لما منحه - سبحانه - لعبده نوح من نعم وفضل وإجابة دعاء .
أى : مثل ذلك الجزاء الكريم الذى جازينا به نوحا - عليه السلام - نجازى كل من كان محسنا فى أقواله وأفعاله .
وإن عبدنا نوحا قد كان من عبادنا الذين بلغو درجة الكمال فى إيمانهم وإحسانهم .
قال صاحب الكشاف : قوله : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين } أى من الأمم هذه الكلمة ، وهى : " سلام على نوح " يعنى : يسلمون عليه تسليما ويدعون له . فإن قلت : فما معنى قوله : { فِي العالمين } .
قلت : معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا ، وأن لا يخلو أحد منهم منها ، كأنه قيل : ثبت الله التسليم على نوح وأدامه فى الملائكة والثقلين ، يسلمون عليه عن آخرهم .
علل - سبحانه - مجازاة نوح بتلك التكرمة السنية ، من تبقية ذكره ، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر ، بأنه كان محسناً ، ثم علل كونه محسناً ، بأنه كان عبداً مؤمناً ، ليريك جلالة محل الإِيمان ، وأنه لقصارى من صفات المدح والتعظيم ، ويرغبك فى تحصيله وفى الازدياد منه .
وجملة { إنَّه من عِبادنَا المُؤمنين } تعليل لاستحقاقه المجازاة الموصوفة بقوله : { كذلك نَجزي المحسنين } فاختلف معلول هذه العلة ومعلول العلة التي قبلها .
وأفاد وصفه ب { إنَّه من عِبَادِنَا } أنه ممن استحق هذا الوصف ، وقد علمت غير مرة أن وصف ( عبد ) إذا أضيف إلى ضمير الجلالة أشعر بالتقريب ورفع الدرجة ، اقتصر على وصف العباد بالمؤمنين تنويهاً بشأن الإِيمان ليزداد الذين آمنوا إيماناً ويقلع المشركون عن الشرك . وهذه نعمة تاسعة . وأقحم معها من { عبادنا } لتشريفه بتلك الإضافة على نحو ما تقدم آنفاً في قوله تعالى : { إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم } [ الصافات : 40 - 41 ] وهذه نعمة عاشرة ، وفي ذلك تنبيه على عظيم قدر الإِيمان .
وفي هذه القصة عبرة للمشركين بما حلّ بقوم نوح وتسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم وجعل نوح قدوة له ، وإيماء إلى أن الله ينصره كما نصر نوحاً على قومه وينجّيه من أذاهم وتنويه بشأن المؤمنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.