عُقّب وصفُ حال المشركين في الآخرة وما علّل به من أنهم ألْفَوْا آباءهم ضالّين فاتبعوا آباءهم بتنظيرهم بمن سلفوا من الضالّين وتذكيراً للرسول صلى الله عليه وسلم بذلك مسلاة له على ما يلاقيه من تكذيبهم ، واستقصاء لهم في العبرة والموعظة بما حلّ بالأمم قبلهم ، فهَذه الجملة معطوفة على مضمون الجملة التي قبلها إكمالاً للتعليل ، أي اتبعوا آثار آبائهم واقتدوا بالأمم أشياعهم .
ووصف الذين ضلّوا قبلهم بأنهم { أكْثَرُ الأوَّلِينَ } لئلا يَغترّ ضعفاء العقول بكثرة المشركين ولا يعْتزّوا بها ، ليعلموا أن كثرة العدد لا تبرّر ضلال الضالّين ولا خطأ المخطئين ، وأن الهدى والضلال ليسا من آثار العدد كثرة وقلة ولكنهما حقيقتان ثابتتان مستقلتان فإذا عرضت لإِحداهما كثرة أو قلة فلا تكونان فتنة لقصار الأنظار وضعفاء التفكير . قال تعالى : { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث } [ المائدة : 100 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ولقد ضل قبلهم} قبل أهل مكة {أكثر الأولين} من الأمم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: ولقد ضلّ يا محمد عن قصد السبيل وَمحجة الحقّ قبل مشركي قومك من قريش أكثر الأمم الخالية مِن قبلهم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
أقسم الله تعالى أنه "لقد ضل قبلهم أكثر الأولين "لأن اللام في (لقد) هي لام القسم.
الضلال: الذهاب عن الحق إلى طريق الباطل، تقول: ضل عن الحق يضل ضلالا.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
مثل تعالى لقريش في هذه الآية بالأمم التي ضلت قديماً وجاءها الإنذار وأهلكها الله بعذابه.
ثم إنه تعالى ذكر لرسوله ما يوجب التسلية له في كفرهم وتكذيبهم، فبين تعالى أن إرساله للرسل قد تقدم والتكذيب لهم قد سلف، ويجب أن يكون له صلى الله عليه وسلم أسوة بهم حتى يصبر كما صبروا، ويستمر على الدعاء إلى الله وإن تمردوا، فليس عليه إلا البلاغ.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد المحبة لهداهم والحزن على ضلالهم، والأسف على غيهم ومحالهم، وكان الضلال مع العقل أولاً، ثم مع وجود الرسل الذين هم من الصدق والمعجزات والأمور الملجئة إلى الهدى ثانياً كالمحال، سلاه سبحانه بقوله على سبيل التأكيد لزيادة التحقيق: {ولقد ضل قبلهم} أي قبل من يدعوهم في جميع الزمان الذي تقدمهم.
{أكثر الأولين} بحيث إنه لم يمض قرن بعد آدم عليه السلام إلا وكله أو جله ضلال.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وصف الذين ضلّوا قبلهم بأنهم {أكْثَرُ الأوَّلِينَ} لئلا يَغترّ ضعفاء العقول بكثرة المشركين ولا يعْتزّوا بها، ليعلموا أن كثرة العدد لا تبرّر ضلال الضالّين ولا خطأ المخطئين، وأن الهدى والضلال ليسا من آثار العدد كثرة وقلة ولكنهما حقيقتان ثابتتان مستقلتان، فإذا عرضت لإِحداهما كثرة أو قلة فلا تكونان فتنة لقصار الأنظار وضعفاء التفكير.. قال تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث} [المائدة: 100].
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
بما أنّ المسائل السابقة المتعلّقة بالمجرمين والضالّين لا تختّص بزمان ومكان معينين، فالقرآن يتوسّع في الآيات التي تبحث بشكل مفصّل عن هذه المسائل، ويهيئ الأرضية في عدّة آيات قصيرة ومختصرة لشرح أمور كثيرة عن الاُمم السابقة، والتي بالاطلاع عليها تكون أدلّة ناطقة للبحوث السابقة.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.