وقوله - سبحانه - : { لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ الله شَيْئاً . . } ، رد على ما كانوا يزعمونه من أنهم لن يعذبوا ، لأنهم أكثر أموالا وأولادا من المؤمنين ، قال القرطبى : " قال مقاتل : قال المنافقون إن محمدا يزعم أنه ينصر يوم القيامة ، لقد شقينا إذاً فوالله لننصرن يوم القيامة بأنفسنا وأولادنا وأموالنا إن كانت قيامة ، فنزلت " .
ومن المعروف أن عبد الله بن أبى بن سلول - زعيم المنافقين - كان من أغنياء المدينة ، وكان يوطن نفسه على أن يكون رئيسا للمدينة قبيل - الإسلام ، وهو القائل - كما حكى القرآن عنه - : { لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل } أي : أن هؤلاء المنافقين المتفاخرين بأموالهم وأولادهم ، لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم شيئا من الغناء .
{ أولئك } المنافقون هم { أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } خلودا أبديا ،
ثم قال :{ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } أي : لن يدفع ذلك عنهم بأسا{[28466]} إذا جاءهم ، { أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا} يوم القيامة {أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}، يعني مقيمين في النار لا يموتون...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: لن تغني عن هؤلاء المنافقين يوم القيامة أموالهم، فيفتدوا بها من عذاب الله المهين لهم ولا أولادهم، فينصرونهم ويستنقذونهم من الله إذا عاقبهم.
"أُولَئِكَ أصحَابُ النّارِ" يقول: هؤلاء الذين تولوا قوما غضب الله عليهم، وهم المنافقون أصحاب النار، يعني أهلها الذين هم فيها خالدون، يقول: هم في النار ماكثون إلى غير نهاية.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا} يخبر أن أموالهم التي لأجلها تولوا اليهود، وعاندوا المؤمنين، لا تغنيهم تلك الأموال من عذاب الله شيئا إذا نزل بهم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{لن تغني} أي بوجه من الوجوه {عنهم} أي في الدنيا ولا في الآخرة بالافتداء ولا بغيره {أموالهم} وأكد النفي بإعادة النافي للتنصيص على كل منهما فقال: {ولا أولادهم} أي بالنصرة والمدافعة {من الله} إي إغناء مبتدئاً من الملك الأعلى الذي لا كفوء له {شيئاً} أي من إغناء ولو قل جدّاً، فمهما أراد بهم سبحانه كان ونفذ ومضى، لا يدفعه شيء... {أولئك} أي البعداء من كل خير {أصحاب النار} ولما أفهمت الصحبة الملازمة، أكدها بقوله: {هم} أي خاصة لاضمحلال عذاب غيرهم -لكونهم في الهاوية- في جنب عذابهم {فيها} أي خاصة دون شيء يقصر عنها... {خالدون} أي مقيمون باقون دائمون لازمون إلى غير نهاية...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
فكما لم تَقِهم أيمانهم العذابَ لم تُغن عنهم أموالهم ولا أنصارهم شيئاً يوم القيامة. وكان المنافقون من أهل الثراء بالمدينة، وكان ثراؤهم من أسباب إعراضهم عن قبول الإِسلام لأنهم كانوا أهل سيادة فلم يرضوا أن يصيروا في طبقة عموم الناس...
ومعنى {من الله} من بأس الله أو من عذابه. وحذفُ مثل هذا كثير في الكلام... {أعد الله لهم عذاباً شديداً} [المجادلة: 15] ومن قوله: {فلهم عذاب مهين} [المجادلة: 16] أنهم لا محيص لهم عن النار، فكيف تغني عنهم أموالهم وأولادهم شيئاً من عذاب النار...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.