{ وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } والتمهيد مصدر مهد ، بمعنى سوى الشئ ، وأزال منه ما يجعله مضطربا متنافرا ، ومنه مهد الصبى . أى : المكان المعد لراحته . والمراد بالتمهيد هنا : تيسير الأمور ، ونفاذ الكلمة ، وجمع وسائل الرياسة له .
أى : جعلت له مالا كثيرا ، وأولادا شهودا ، وفضلا عن ذلك ، فقد هيأت له وسائل الراحة والرياسة تهيئة حسنة ، أغنته عن الأخذ والرد مع قومه ، بل صار نافذ الكلمة فيهم بدون عناء أو تعب .
فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة قد ذكرت أن الله - تعالى - قد أعطى الوليد بن المغيرة ، جماع ما يحتاجه الإِنسان فى هذه الحياة ، فقد أعطاه المال الوفير ، والبنين الشهود ، والجاه التام الذى وصل إليه بدون جهد أو تعب .
والخطاب للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ومعناه خل بيني وبين هذا الذي خلقته وحيدا مجردا من كل شيء آخر مما يعتز به من مال كثير ممدود وبنين حاضرين شهود ونعم يتبطر بها ويختال ويطلب المزيد . خل بيني وبينه ولا تشغل بالك بمكره وكيده . فأنا سأتولى حربه . . وهنا يرتعش الحس ارتعاشة الفزع المزلزل ؛ وهو يتصور انطلاق القوة التي لا حد لها . . قوة الجبار القهار . . لتسحق هذا المخلوق المضعوف المسكين الهزيل الضئيل ! وهي الرعشة التي يطلقها النص القرآني في قلب القارئ والسامع الآمنين منها . فما بال الذي تتجه إليه وتواجهه !
ويطيل النص في وصف حال هذا المخلوق ، وما آتاه الله من نعمه وآلائه ، قبل أن يذكر إعراضه وعناده . فهو قد خلقه وحيدا مجردا من كل شيء حتى من ثيابه ! ثم جعل له مالا كثيرا ممدودا . ورزقه بنين من حوله حاضرين شهودا ، فهو منهم في أنس وعزوة . ومهد له الحياة تمهيدا ويسرها له تيسيرا . . ( ثم يطمع أن أزيد ) . . فهو لا يقنع بما أوتي ، ولا يشكر ويكتفي . . أم لعله يطمع في أن ينزل عليه الوحي وأن يعطى كتابا كما سيجيء في آخر السورة : ( بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ) . . فقد كان ممن يحسدون الرسول[ صلى الله عليه وسلم ] على إعطائه النبوة .
وقوله : وَمَهّدْتُ لَهُ تَمْهِيدا يقول تعالى ذكره : وبسطت له في العيش بسطا ، كما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ومَهّدْتُ لَهُ تَمْهِيدا قال : بسط له .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَمَهّدَتُ لَهُ تَمْهِيدا قال : من المال والولد .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يقول: بسطت له في المال والولد والخير بسطا.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
الثاني: مهدت له الرياسة في قومه، قاله ابن شجرة.
ويحتمل ثالثاً: أنه مهد له الأمر في وطنه حتى لا ينزعج عنه بخوف ولا حاجة.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
أي سهلت له التصرف في الأمور تسهيلا.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
وقيل: وسعت عليه الأمر توسيعا... كأنه كان يتيسر عليه كل ما كان يطلبه ويريده من أسبابها.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
وبسطت له الجاه العريض والرياسة في قومه، فأتمت عليه نعمتي المال والجاه واجتماعهما: هو الكمال عند أهل الدنيا
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
حتى لقب ريحانة قريش والوحيد أي باستحقاقه الرياسة والتقدم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 11]
والخطاب للرسول [صلى الله عليه وسلم] ومعناه خل بيني وبين هذا الذي خلقته وحيدا مجردا من كل شيء آخر مما يعتز به من مال كثير ممدود وبنين حاضرين شهود ونعم يتبطر بها ويختال ويطلب المزيد. خل بيني وبينه ولا تشغل بالك بمكره وكيده. فأنا سأتولى حربه.. وهنا يرتعش الحس ارتعاشة الفزع المزلزل؛ وهو يتصور انطلاق القوة التي لا حد لها.. قوة الجبار القهار.. لتسحق هذا المخلوق المضعوف المسكين الهزيل الضئيل! وهي الرعشة التي يطلقها النص القرآني في قلب القارئ والسامع الآمنين منها. فما بال الذي تتجه إليه وتواجهه!
ويطيل النص في وصف حال هذا المخلوق، وما آتاه الله من نعمه وآلائه، قبل أن يذكر إعراضه وعناده. فهو قد خلقه وحيدا مجردا من كل شيء حتى من ثيابه! ثم جعل له مالا كثيرا ممدودا. ورزقه بنين من حوله حاضرين شهودا، فهو منهم في أنس وعزوة. ومهد له الحياة تمهيدا ويسرها له تيسيرا.. (ثم يطمع أن أزيد).. فهو لا يقنع بما أوتي، ولا يشكر ويكتفي.. أم لعله يطمع في أن ينزل عليه الوحي وأن يعطى كتابا كما سيجيء في آخر السورة: (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة).. فقد كان ممن يحسدون الرسول [صلى الله عليه وسلم] على إعطائه النبوة.