وقوله تعالى : { كَذَّبُواْ بئاياتنا كُلَّهَا } استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية مجيء النذر كأنه قيل : فماذا فعل آل فرعون حينئذ ؟ فقيل : كذبوا بجميع آياتنا وهي آيات الأنبياء كلهم عليهم السلام فإن تكذيب البعض تكذيب للكل ، أو هي الآيات التسع ، وجوز الواحدي أن يراد بالنذر نفس الآيات فقوله سبحانه : { بآياتنا } من إقامة الظاهر مقام الضمير والأصل كذبوا بها ، وزعم بعض غلاة الشيعة وهم المسلمون بالكشفية في زماننا أن المراد بالآيات كلها علي كرم الله تعالى وجهه فإنه الإمام المبين المذكور في قوله تعالى : { وَكُلَّ شيء أحصيناه في إِمَامٍ مُّبِينٍ } [ يس : 12 ] وأنه كرم الله تعالى وجهه ظهر مع موسى عليه السلام لفرعون وقومه فلم يؤمنوا وهذا من الهذيان بمكان نسأل الله تعالى وجهه ظهر مع موسى عليه السلام لفرعون وقومه فلم يؤمنوا وهذا من الهذيان بمكان نسأل الله تعالى العفو والعافية { فأخذناهم } أي آل فرعون ، وزعم بعض أن ضمير { كَذَّبُواْ } وضمير أخذناهم عائدان على جميع من تقدم ذكره من الأمم وتم الكلام عند قوله تعالى : { النذر } [ القمر : 41 ] وليس بشيء ، والفاء للتفريع أي { فأخذناهم } وقهرناهم لأجل تكذيبهم . { أَخْذَ عِزِيزٍ } لا يغالب { مُّقْتَدِرٍ } .
{ كذبوا بآياتنا كلها } : أي فلم يؤمنوا بل كذبوا بآياتنا التسع التي آتيناها موسى .
{ فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } : أي فأخذناهم بالعذاب وهو الغرق أخذ قوى مقتدر على كل شيء لا يعجزه شيء .
وكذب بآيات الله كلها وهى تسع آيات آتاها الله تعالى موسى أولها العصا وآخرها انفلاق البحر فبسبب ذلك أخذناهم أخذ عزيز غالب لا يمانع في مراده مقتدر لا يعجزه شيء فأغرقناهم أجمعين .
بل { كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا } أى : بل كذبوا بجميع المعجزات التى أيدنا موسى - عليه السلام - بها ، والتى كانت تدل أعظم دلالة على صدقة فيما يدعوهم إليه .
وأمد - سبحانه - هذه المعجزات بقوله ، كلها للإشعار بكثرتها ، وبأنهم قد أنكروها جميعا دون أن يستثنوا منها شيئا .
وقوله : { فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ } بيان لشدة العذاب الذى نزل بهم إذ الأخذ مستعار ، للانتقام الشديد ، وانتصاب { أَخْذَ . . } على المفعولية المطلقة ، وإضافته إلى " عزيز مقتدر " من إضافة المصدر إلى فاعله .
والعزيز : الذى لا يغلبه غالب ، والمقتدر : الذى لا يعجزه شىء يريده .
أى : فأخذناهم أخذا لم يبق منهم أحدا ، بل أهلكناهم جميعا ، لأن هذا الأخذ صادر عن الله - عز وجل - الذى لا يغلبه غالب ، ولا يعجزه شىء .
ووصف - سبحانه - ذاته هنا بصفة العزة والاقتدار ، للرد على دعاوى فرعون وطغيانه وتبجحه ، فقد وصل به الحال أن زعم أنه الرب الأعلى . . . فأخذه - سبحانه - أخذ عزيز مقتدر ، يحق الحق ويبطل الباطل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.