ثم يفصل كيف هي أدهى وأمر . يفصل هذا في مشهد عنيف من مشاهد القيامة :
( إن المجرمين في ضلال وسعر . يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ) . .
في ضلال يعذب العقول والنفوس ، وفي سعر تكوي الجلود والأبدان . . في مقابل ما كانوا يقولون هم وأمثالهم من قبل : أبشرا منا واحدا نتبعه ? إنا إذا لفي ضلال وسعر . ليعرفوا أين يكون الضلال وأين تكون السعر !
إن المجرمين : إن الكفار والمشركين .
سُعُر : نيران مسعَّرة ، أو جنون ، واحدها سعير .
47- { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ } .
إن المجرمين في حيرة وضلال وبُعْد عن الحق في الدنيا ، وفي نيران مسعرة في الآخرة ، أو المراد بالسُعُر الجنون .
قال ابن عباس : هم في خسران وجنون . أ . ه .
لقد انطمست بصائرهم في الدنيا ، فعميت عن الحق ، وآثرت الضلال على الرشد ، واشتدّ تعلقهم بالدنيا وترفها وملذاتها ، كأنما أصابهم مسّ من الجنون فأصبحوا كالحيوانات المسعورة .
{ إن المجرمين في ضلال وسعير } : أي الذين أجرموا على أنفسهم بالشرك والمعاصي في ضلال في الدنيا ونار مستعرة في الآخرة .
قوله تعالى { إن المجرمين في ضلال وسعر } يخبر تعالى عن حال المجرمين وهم الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها بالشرك وغشيان الذنوب يخبر تحذيراً وإنذاراً بأن المجرمين في ضلال في حياتهم الدنيا ، وسعر ونار مستعرة متأججة يوم القيامة .
- بيان مصير المجرمين وضمنه تخويف وتحذير من الإِجرام الموبق للإِنسان .
{ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ } أي : الذين أكثروا من فعل الجرائم ، وهي الذنوب العظيمة من الشرك وغيره ، من المعاصي { فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ } أي : هم ضالون في الدنيا ، ضلال عن العلم ، وضلال عن العمل ، الذي ينجيهم من العذاب ، ويوم القيامة في العذاب الأليم ، والنار التي تتسعر بهم ، وتشتعل في أجسامهم ، حتى تبلغ أفئدتهم .
قوله تعالى : { إن المجرمين في ضلال وسعر 47 يوم يسبحون في النار على وجوههم ذوقوا مسّ سقر 48 إنا كل شيء خلقناه بقدر 49 وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر 50 ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر 51 وكل شيء فعلوه في الزبر 52 وكل صغير وكبير مستطر 53 إن المتقين في جنات ونهر 54 في مقعد صدق عند مليك مقتدر } .
يبين الله حال المجرمين الخاسرين من الشقاوة والتعس والإيغال في الخسران وسوء المصير . فقال سبحانه : { إن المجرمين في ضلال وسعر } أي مائلون عن الحق ، سادرون في الباطل ، وهم كذلك في سعر أي في عناء ونصب ، أو في جنون مما هم فيه من الضلال والتكذيب .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أخبر عنهم، فقال: {إن المجرمين} في الدنيا {في ضلال} يعني في شقاء {وسعر} يعني وعناء...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"إنّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ "يقول تعالى ذكره: إن المجرمين في ذهاب عن الحقّ، وأخذ على غير هدى "وَسُعُرٍ" يقول: في احتراق من شدّة العناء والنصب في الباطل.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{إن المجرمين في ضلال وسُعُرٍ} جائز أن يكون قوله: {في ضلال} في الدنيا وفي السُّعُر في الآخرة، وهو السّعير. ويحتمل {في ضلال} في هلاك {وسُعر} في حيرة وجنون وتيه، كقوله تعالى: {إنا إذا لفي ضلال وسُعر}.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وأكثر المفسرين على أن {المجرمين} هنا يراد بهم الكفار.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يخبرنا تعالى عن المجرمين أنهم في ضلال عن الحق، وسُعُر مما هم فيه من الشكوك والاضطراب في الآراء...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
في ضلال يعذب العقول والنفوس، وفي سعر تكوي الجلود والأبدان.. في مقابل ما كانوا يقولون هم وأمثالهم من قبل: أبشرا منا واحدا نتبعه؟ إنا إذا لفي ضلال وسعر. ليعرفوا أين يكون الضلال وأين تكون السعر!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والضلال: يطلق على ضد الهدى ويطلق على الخُسران، وأكثر المفسرين على أن المراد به هنا المعنى الثاني.