{ ولقد أهلكنا أشياعكم } : أي ولقد أهلكنا أمثالكم أيها المشركون من الأمم السابقة .
{ فهل من مدّكر ؟ } : أي فاذكروا واتعظوا بهذا خيراً لكم من هذا الإِعراض .
وقوله تعالى وهو يخاطب مشركي قريش { ولقد أهلكنا أشياعكم } أي أمثالكم في الكفر والعصيان أي من الأمم السابقة { فهل من مدكر } أي متذكر متعظ معتبر قبل فوات الوقت وحصول المكروه من العذاب في الدنيا وفي الآخرة .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ولقد أهلكنا} بالعذاب {أشياعكم} يعني عذبنا إخوانكم أهل ملتكم، يا أهل مكة، يعني الأمم الخالية حين كذبوا رسلهم.
{فهل من مدكر} يقول: فهل من متذكر فيعلم أن ذلك حق فيعتبر ويخاف، فلا يكذب محمدا صلى الله عليه وسلم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره لمشركي قريش الذين كذّبوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم: ولقد أهلكنا أشياعكم معشر قريش من الأمم السالفة والقرون الخالية، على مثل الذي أنتم عليه من الكفر بالله، وتكذيب رسله،" فَهَلْ مِنْ مُدّكرٍ "يقول: فهل من مُتّعظ بذلك منزجر ينزجر به.
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ}: أشباهكم في الكفر من الأُمم السالفة.
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
أي الفرق المتشايعة في مذهب ودين.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
التُفِتَ من طريق الغيبة إلى الخطاب ومرجع الخطاب هم المشركون لظهور أنهم المقصود بالتهديد، وهو تصريح بما تضمنه قوله: {أكفاركم خير من أولائكم} [القمر: 43] فهو بمنزلة النتيجة لقوله: {إنا كل شيء خلقناه بقدر إلى كلمح بالبصر} [القمر: 49، 50]. وهذا الخبر مستعمل في التهديد بالإِهلاك وبأنه يفاجئهم قياساً على إهلاك الأمم السابقة، وهذا المقصد هو الذي لأجله أكد الخبر بلام القسم وحرفِ (قد). أما إهلاك من قبلهم فهو معلوم لا يحتاج إلى تأكيد.
ولما أخبر بتمام قدرته ، وكان إهلاك من ذكر من الكفار وإنجاء من ذكر من الأبرار في هذه السورة نحواً مما ذكر من أمر الساعة في السهولة والسرعة ، دل على ذلك بإنجاء أوليائه وإهلاك أعدائه فذكر بهم جملة وبما كان من أحوالهم بأيسر أمر لأن ذلك أوعظ للنفوس وأزجر للعقول ، فقال مقسماً تنبيهاً على عادتهم في الكفر مع هذا الوعظ فعل المكذب بهلاكهم لأجل تكذيبهم عاطفاً على ما تقديره : ولقد أنجينا رسلنا وأشياعهم من كل شيء خطر : { ولقد أهلكنا } أي بما لنا من العظمة { أشياعكم } الذين أنتم وهم شرع واحد في التكذيب ، والقدرة عليكم كالقدرة عليهم ، فاحذروا أن يصيبكم ما أصابهم ، فلذلك سبب عنه قوله : { فهل من مدكر * } أي بما وقع لهم أنه مثل من مضى بل أضعاف .
. . ، وأن قدرته سبحانه عليه كقدرته عليهم ليرجع عن غيه خوفاً من سطوته سبحانه .