وتكذيبهم بالآيات التي جاءهم بها رسولهم . وأخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر . والإشارة إلى العزة والاقتدار تلقي ظلال الشدة في الأخذ ؛ وفيها تعريض بعزة فرعون واقتداره على البغي والظلم . فقد ضاعت العزة الباطلة ، وسقط الاقتدار الموهوم . وأخذه الله - هو وآله - أخذ عزيز حقا مقتدر صدقا . أخذهم أخذا شديدا يناسب ما كانوا عليه من ظلم وغشم وبطش وجبروت .
وعلى هذه الحلقة الأخيرة على مصرع فرعون الجبار . يسدل الستار . .
42- { كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ } .
لقد كذَّبوا بمعجزات موسى عليه السلام ، وهي الآيات التسع البيات الواضحات ، وهي : العصا ، واليد ، والسنون ، والطمسة ، والطوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع ، والدم ، وكان جزاؤهم على التكذيب والعناد أننا عاقبناهم عقابا أليما بالغرق ، وأخذناهم أخذ عَزِيزٍ . لا يُغالب ولا يُدافع ، مُقْتَدِرٍ . على الانتقام منهم ، فعّال لما يريد .
{ كذبوا بآياتنا كلها } : أي فلم يؤمنوا بل كذبوا بآياتنا التسع التي آتيناها موسى .
{ فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } : أي فأخذناهم بالعذاب وهو الغرق أخذ قوى مقتدر على كل شيء لا يعجزه شيء .
وكذب بآيات الله كلها وهى تسع آيات آتاها الله تعالى موسى أولها العصا وآخرها انفلاق البحر فبسبب ذلك أخذناهم أخذ عزيز غالب لا يمانع في مراده مقتدر لا يعجزه شيء فأغرقناهم أجمعين .
" كذبوا بآياتنا كلها " معجزاتنا الدالة على توحيدنا ونبوة أنبيائنا ، وهى العصا ، واليد ، والسنون ، والطمسة ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم . وقيل : " النذر " الرسل ؛ فقد جاءهم يوسف وبنوه إلى أن جاءهم موسى . وقيل : " النذر " الإنذار . " فأخذناهم أخذ عزيز " أي غالب في انتقامه " مقتدر " أي قادر على ما أراد .
ولما كان كأنه قيل : فما فعلوا عند مجيء ذلك إليهم ، قال : { كذبوا } أي تكذيباً عظيماً متسهينين { بآياتنا } التي أتاهم بها موسى عليه السلام وغيرها لأجل تكذيبهم بها على ما لها من العظمة المعروفة قطعاً عن أنها من عندنا .
ولما كانت خوارق العادات كما مضت متساوية الأقدام في الدلالة على صدق الآتي بها ، وكانوا قد صمموا على أنه مهما أتاهم بآية كذبوا بها ، كانوا كأنهم قد أتتهم كل آية فلذلك قال : { كلها } وسبب عن ذلك القول : { فأخذناهم } أي بما لنا من العظمة بنحو ما أخذنا به قوم نوح من الإغراق { أخذ عزيز } أي لا يغلبه شيء وهو يغلب كل شيء { مقتدر * } أي لا يعجل بالأخذ لأنه لا يخاف الفوت ولا يخشى معقباً لحكمه ، بالغ القدرة إلى حد لا يدرك الوصف كنهه لأن صيغة الافتعال مبناها على المعاجلة ومن عاجل فعلاً أجهل نفسه فيه ، فكان على أتم الوجوه ، وهذه الغاية هي المرادة ليس غيرها ، فهو تمثيل لأنه سبحانه يخاطبنا بما نعبده ، وبهذه المبالغة فلم يلفت منهم أحد ، وقد ختمت القصص بمثل ما افتتحت به من عذاب المفسدين بالإغراق ليطابق الختم البدء ، وكانت نجاة المصلحين من الأولين بالسفينة ، وكانت نجاة المصلحين من الآخرين بأرض البحر كانت هي سفينتهم ، ليكون الختم أعظم من البدء كما هو شأن أهل الاقتدار .