لَمَّا نوه بالذين آمنوا أعقب التنويه بالثناء عليهم وبشارتهم مفتَتحاً باسم الإِشارة لتمييزهم أكمل تمييز لإِحضارهم بصفاتهم في ذهن السامع ، مع ما في اسم الإِشارة من إرادة التنويه والتعظيم .
و { الميمنة } جهة اليمين ، فهي مَفْعَلة للمكان مأخوذة من فعل يَمَنَه ( فعلاً ماضياً ) إذا كان على يمينه ، أي على جهة يده اليمنى ، أو مأخوذة من يَمَنَه اللَّهُ يُمْناً ، إذا بَاركه ، وإحدى المادتين مأخوذة من الأخرى ، قيل : سميت اليد اليمنى يميناً ويُمنى لأنها أعود نفعاً على صاحبها في يسْر أعماله ، ولذلك سمي بلاد اليمن يَمَناً لأنها عن جهة يمين الواقف مستقبلاً الكعبة من بابها لأن باب الكعبة شرقي ، فالجهة التي على يمين الداخل إلى الكعبة هي الجنوب وهي جهة بلاد اليمن . وكانت بلاد اليمن مشهورة بالخيرات فهي ميمونة . وكان جغرافيو اليونان يصفونها بالعربية السعيدة ، وتفرع على ذلك اعتبارهم ما جاء عن اليمين من الوحش والطير مبشراً بالخير في عقيدة أهل الزجر والعيافة فالأيامن الميمونة قال المرقش يفند ذلك :
فإذا الأشائِم كالأيا *** مِنِ والأيَامِنُ كالأشائِمْ
ونشأ على اعتبار عكس ذلك تسمية بلاد الشام شأماً بالهمز مشتقة من الشؤم لأن بلاد الشام من جهة شِمال الداخل إلى الكعبة وقد أبطل الإِسلام ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم « اللهم بارك لنا في شأمِنا وفي يَمَنِنَا » وما تسميتهم ضد اليد اليمنى يساراً إلا لإِبطال ما يُتوهم من الشؤم فيها .
ولما كانت جهة اليمين جهة مكرمة تعارفوا الجلوس على اليمين في المجامع كرامةً للجالس ، وجعلوا ضدهم بعكس ذلك . وقد أبطله الاسلام فكان الناس يجلسون حين انتهى بهم المجلس .
وسمّي أهل الجنة { أصحاب الميمنة } و { أصحاب اليمين } [ الواقعة : 27 ] وسمي أهل النار { أصحاب المشأمة } و { أصحاب الشمال } في سورة الواقعة ( 41 ) ، فقوله : { أولئك أصحاب الميمنة } أي أصحاب الكرامة عند الله .
وقوله : { هم أصحاب المشأمة } أي هم محقرون . وذلك كناية مبنية على عرف العرب يومئذ في مجالسهم . ولا ميمنة ولا مشأمة على الحقيقة لأن حقيقة الميمنة والمشأمة تقتضيان حَيِّزاً لمن تُنسَب إليه الجهةُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.