وقوله : ونَجّيْنا الّذِينَ آمَنُوا يقول : ونجينا الذين آمنوا من العذاب الذي أخذهم بكفرهم بالله ، الذين وحّدوا الله ، وصدّقوا رسله وَكانُوا يَتّقُونَ يقول : وكانوا يخافون الله أن يحلّ بهم من العقوبة على كفرهم لو كفروا ما حلّ بالذين هلكوا منهم ، فآمنوا اتّقاء الله وخوف وعيده ، وصدّقوا رسله ، وخلعوا الاَلهة والأنداد .
الأظهر أنه عطف على التفصيل في قوله : { فأمَّا عَاد فاستكبروا } [ فصلت : 15 ] وما عطف عليه من قوله : { وأَمَّا ثَمُودُ فهديناهم } [ فصلت : 17 ] لأن موقع هاته الجملة المتضمنة إنجاءَ المؤمنين من العذاب بعد أن ذُكر عذاب عاد وعذاب ثمود يشير إلى أن المعنى إنجاء الذين آمنوا من قوم عاد وقوم ثَمود ، فمضمون هذه الجملة فيه معنى استثناء من عموم أمتيْ عاد وثمود فيكون لها حكم الاستثناء الوارد بعد جُمل متعاقبة أنه يعود إلى جميعها فإن جملتي التفصيل هما المقصود ، قال تعالى : { ولما جاء أمرنا نجينا هوداً والذين آمنوا معه برحمة منا } [ هود : 58 ] وقال : { ولما جاء أمرنا نجينا صالحاً والذين آمنوا معه برحمة منا } [ هود : 66 ] . وقد بينا في سورة هود كيف أنجى الله هوداً والذين آمنوا معه ، وصالحا والذين آمنوا معه .
وقوله : { وكَانُوا يَتَّقُونَ } ، أي كان سنتهم اتقاء الله والنظرُ فيما ينجي من غضبه وعقابه ، وهو أبلغ في الوصف من أن يقال : والمتقين .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ونجينا الذين آمنوا} يعني صدقوا بالتوحيد من العذاب الذي نزل بكفارهم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"ونَجّيْنا الّذِينَ آمَنُوا": ونجينا الذين آمنوا من العذاب الذي أخذهم بكفرهم بالله، الذين وحّدوا الله، وصدّقوا رسله.
"وَكانُوا يَتّقُونَ": وكانوا يخافون الله أن يحلّ بهم من العقوبة على كفرهم لو كفروا ما حلّ بالذين هلكوا منهم، فآمنوا اتّقاء الله وخوف وعيده وصدّقوا رسله وخلعوا الآلهة والأنداد...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} أي نجّينا الذين اختاروا الهدى على العمى، وكانوا يتقون اختيار العمى على الهدى...
لما ذكر الله الوعيد أردفه بالوعد فقال: {ونجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون} يعني وكانوا يتقون الأعمال التي كان يأتي بها قوم عاد وثمود.
فإن قيل: كيف يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم أن ينذر قومه مثل صاعقة عاد وثمود، مع العلم بأن ذلك لا يقع في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد صرح الله تعالى بذلك في قوله {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} وجاء في الأحاديث الصحيحة أن الله تعالى رفع عن هذه الأمة هذه الأنواع من الآفات؟
قلنا إنهم لما عرفوا كونهم مشاركين لعاد وثمود في استحقاق مثل تلك الصاعقة، جوزوا حدوث ما يكون من جنس ذلك، وإن كان أقل درجة منهم وهذا القدر يكفي في التخويف...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{الذين آمنوا} أي أوجدوا هذا الوصف ولو على أدنى وجوهه من الفريقين.
{يتقون} أي يتجدد لهم هذا الوصف في كل حركة وسكون فلا يقدمون على شيء بلا دليل.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الأظهر أنه عطف على التفصيل في قوله: {فأمَّا عَاد فاستكبروا} [فصلت: 15] وما عطف عليه من قوله: {وأَمَّا ثَمُودُ فهديناهم} [فصلت: 17] لأن موقع هاته الجملة المتضمنة إنجاءَ المؤمنين من العذاب بعد أن ذُكر عذاب عاد وعذاب ثمود يشير إلى أن المعنى إنجاء الذين آمنوا من قوم عاد وقوم ثَمود، فمضمون هذه الجملة فيه معنى استثناء من عموم أمتيْ عاد وثمود، فيكون لها حكم الاستثناء الوارد بعد جُمل متعاقبة أنه يعود إلى جميعها؛ فإن جملتي التفصيل هما المقصود قال تعالى: {ولما جاء أمرنا نجينا هوداً والذين آمنوا معه برحمة منا} [هود: 58]. وقد بينا في سورة هود كيف أنجى الله هوداً والذين آمنوا معه، وصالحا والذين آمنوا معه.
{وكَانُوا يَتَّقُونَ} أي كان سنتهم اتقاء الله والنظرُ فيما ينجي من غضبه وعقابه، وهو أبلغ في الوصف من أن يقال: والمتقين.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
لقد أنجى هذه المجموعة إيمانها وتقواها، بينما شمل العذاب تلك الكثرة الطاغية بسبب كفرها وعنادها، والمجموعتان يمكن أن تكونا نموذجاً لفئات من هذه الأُمة.