وهنا يصل بنا السياق إلى أصحاب الشمال - وهم أصحاب المشأمة الذين سبقت الإشارة إليهم في مطلع السورة :
وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ? في سموم وحميم . وظل من يحموم . لا بارد ولا كريم . إنهم كانوا قبل ذلك مترفين . وكانوا يصرون على الحنث العظيم . وكانوا يقولون : أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون ? أو آباؤنا الأولون ? قل : إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم . ثم إنكم أيها الضالون المكذبون . لآكلون من شجر من زقوم . فمالئون منها البطون . فشاربون عليه من الحميم . فشاربون شرب الهيم . هذا نزلهم يوم الدين . .
فلئن كان أصحاب اليمين في ظل ممدود وماء مسكوب . . فأصحاب الشمال ( في سموم وحميم وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم ) . . فالهواء شواظ ساخن ينفذ إلى المسام ويشوي الأجسام . والماء متناه في الحرارة لا يبرد ولا يروي . وهناك ظل ! ولكنه ( ظل من يحموم ) . . ظل الدخان اللافح الخانق . . إنه ظل للسخرية والتهكم ظل( لا بارد ولا كريم ) . . فهو ظل ساخن لا روح فيه ولا برد ؛ وهو كذلك كز لا يمنح وراده راحة ولا إنعاشا . .
وقوله : وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ يقول تعالى ذكره : وظلّ من دُخان شديد السواد . والعرب تقول لكلّ شيء وصَفَتْه بِشدّة السواد : أسود يَحْموم . وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني بن أبي الشوارب ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا سليمان الشيبانيّ ، قال : ثني يزيد بن الأصمّ ، قال : سمعت ابن عباس يقول في وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال : هو ظلّ الدخان .
حدثنا محمد بن عبيد المحاربيّ ، قال : حدثنا قبيصة بن ليث ، عن الشيبانيّ ، عن يزيد بن الأصمّ ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت الشيباني ، عن يزيد بن الأصمّ ، عن ابن عباس ، بمثله .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الشيباني ، عن يزيد بن الأصمّ ، عن ابن عباس وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال : هو الدخان .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إبراهيم بن طُهمان ، عن سماك بن حرب ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس وَظِلّ مِنْ يَحْمُومِ قال : الدخان .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ يقول : من دخان حَميم .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة ، أنه قال في هذه الاَية وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال : الدخان .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا عثام ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك ، في قوله : وَظِلَ مِنْ يَحْمُومٍ قال : دخان حميم .
حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك بمثله .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال : الدخان .
قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : مِنْ يَحْمُومٍ قال : من دخان حميم .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سليمان الشيباني ، عن يزيد بن الأصمّ ، عن ابن عباس ، ومنصور ، عن مجاهد وَظِلَ مِنْ يَحْمُومٍ قالا : دخان .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال : من دخان .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَظِلَ مِنْ يَحْمومٍ كنا نحدّث أنها ظلّ الدخان .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ قال : ظلّ الدخان دخان جهَنم ، زعم ذلك بعض أهل العلم .
واليحموم : الأسود وهو بناء مبالغة .
واختلف الناس في هذا الشيء الأسود الذي يظل أهل النار ما هو فقال ابن عباس ومجاهد وأبو مالك وابن زيد هو الدخان ، وهذا قول الجمهور . وقال ابن عباس أيضاً : هو سرادق النار المحيط بأهلها ، فإنه يرتفع من كل ناحية حتى يظلهم ، وحكى النقاش ، أن اليحموم : اسم من أسماء جهنم ، وقاله ابن كيسان ، وقال ابن بريدة وابن زيد أيضاً في كتاب الثعلبي : هو جبل من نار أسود يفزع أهل النار إلى ذراه فيجدونه أشد شيء وأمره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.