اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَظِلّٖ مِّن يَحۡمُومٖ} (43)

وقوله : { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } .

«اليَحْمُوم » وزنه «يَفْعُول » .

قال أبو البقاء{[54903]} : «من الحمم ، أو الحميم » .

قال القرطبي{[54904]} : «هو » يَفْعُول ، من الحم ، وهو الشحم المسود باحتراق النار ، وقيل : مأخوذ من الحُمَم وهو الفحم .

و«اليَحْمُوم » : قيل : هو الدُّخان الأسود البهيم .

وقيل : هو وادٍ في جهنم .

وقيل : اسم من أسمائها . والأول أظهر .

وقيل : إنه الظُّلمة ، وأصله من الحمم ، وهو الفَحْم ، فكأنه لسواده فحم ، فسمي باسم مشتق منه ، وزيادة الحرف فيه لزيادة ذلك المعنى فيه ، وربما تكون الزيادة فيه جامعة بين الزيادة في سواده ، والزيادة في حرارته .

قال ابن الخطيب{[54905]} : وفي الأمور الثلاثة إشارة إلى كونهم في العذاب دائماً ؛ لأنهم إن تعرَّضوا لمهبّ الهواء أصابهم السَّمُوم ، وإن استكنُّوا كما يفعله الذي يدفع عن نفسه السموم بالاستكنان في الكِنِّ يكون في ظل من يحموم ، وإن أراد التبرُّد بالماء من حرّ السموم يكون الماء من حميم ، فلا انفكاك له من العذاب ، أو يقال : إنَّ السموم يعذبه فيعطش ، وتلتهب نار السَّموم في أحشائه ، فيشرب الماء ، فيقطع أمعاءهُ ، فيريد الاستظلال بظلّ ، فيكون ذلك الظلّ ظل اليَحْمُوم .

وذكر السموم دون الحميم دون النَّار تنبيهاً بالأدنى على الأعلى ، كأنه قيل : أبرد الأشياء في الدنيا حارّ عندهم فكيف أحرها .

قال الضَّحاك : النار سوداء ، وأهلها سُود ، وكل ما فيها أسود{[54906]} .


[54903]:ينظر: الإملاء 2/1205.
[54904]:الجامع لأحكام القرآن 17/138.
[54905]:الفخر الرازي 29/147.
[54906]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/286).