الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

قوله تعالى : ( وعندهم قاصرات الطرف ) أي : على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم وقد مضى في " الصافات " . ( أتراب ) أي : على سن واحد . وميلاد امرأة واحدة ، وقد تساوين في الحسن والشباب ، بنات ثلاث وثلاثين سنة . قال ابن عباس : يريد الآدميات . و " أتراب " جمع ترب وهو نعت لقاصرات ؛ لأن " قاصرات " نكرة وإن كان مضافا إلى المعرفة . والدليل على ذلك أن الألف واللام يدخلانه كما قال :

من القاصرات الطَّرْفِ لو دَبَّ محولٌ *** من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها لأَثَّرَا

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

لما كان الأكل والشرب داعيين إلى النساء لا سيما مع الراحة قال : { وعندهم } أي لهم من غير مفارقة أصلاً . ولما كان سياق الامتنان مفهماً كثرة الممتن به لا سيما إذا كان من العظيم ، أتى بجمع القلة مريداً به الكثرة لأنه أشهر وأوضح وأرشق من " قواصر " المشترك بين جمع قاصر وقوصرة - بالتشديد والتخفيف - لوعاء التمر فقال : { قاصرات } ولما كن على خلق واحد في العفة وكمال الجمال وحد فقال : { الطرف } أي طرفهن لعفتهن وطرف أزواجهن لحسنهن ، ولما لم تنقص صيغة جمع القلة المعنى ، لكونه في سياق المدح والامتنان ، وكان يستعار للكثرة ، أتى على نمط الفواصل بقوله : { أتراب * } أي على سن واحد مع أزواجهن وهو الشباب ، سمي القرين ترباً لمس التراب جلده وجلد قرينه في وقت واحد ، قال البغوي : بنات ثلاث وثلاثين سنة ، لأن ذلك ادعى للتآلف فإن التحاب بين الأقران أشد وأثبت .