معاني القرآن للفراء - الفراء  
{۞وَعِندَهُمۡ قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ أَتۡرَابٌ} (52)

قوله : { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ } : مرفوعة لأنّ { قاصرات } نكرة وإن كانت مضافة إلى معرفة ؛ ألا ترى أن الألف واللام يَحْسنان فيها كقول الشاعر :

من القاصرات الطَرْفِ لو دَبّ مُحْوِل *** من الذَرّ فوق الإتْب منها لأثَّرا

( الإتب : المئزِر ) فإذا حسُنت الألف واللام في مثل هذا ثم ألقيتها فالاسم نكرة . وربما شبَّهت العرب لفظه بالمعْرفة لِما أضيف إلى الألف واللام ، فينصبون نعته إذا كان نكرة ؛ فيقولونَ : هَذَا حَسَن الوجه قائما وذاهباً . ولو وضَعْت مكان الذاهب والقائم نكرة فيها مدح أو ذمّ آثرت الإتباع ، فقلت : هذا حَسَنُ الوجه موسر ، لانَّ اليَسارة مدح . ومثله قول الشاعر :

ومَن يُشوِه يوم فإن وراءه *** تِبَاعة صَيّاد الرّجالِ غَشُومِ

قال الفراء : ( وَمَن يُشوِه ) أي يأخذ شَوَاه وأطايبه . فخفض الغشوم لأنه مدح ، ولو نصب لأنَّ لفظه نكرة ولفظ الذي هو نعت له معرفة كان صَوَابا ؛ كما قالُوا : هذا مِثْلك قائما ، ومثلك جميلاً .