قوله تعالى : " إلا المصلين " دل على أن ما قبله في الكفار ، فالإنسان اسم جنس بدليل الاستثناء الذي يعقبه كقوله تعالى : " إن الإنسان لفي خسر . إلا الذين آمنوا " [ العصر : 3 ] . النخعي : المراد بالمصلين الذي يؤدون الصلاة المكتوبة . ابن مسعود : الذين يصلونها لوقتها ، فأما تركها فكفر . وقيل : هم الصحابة . وقيل : هم المؤمنون عامة ، فإنهم يغلبون فرط الجزع بثقتهم بربهم ويقينهم .
{ إن الإنسان خلق هلوعا } الإنسان هنا اسم جنس بدليل الاستثناء منه ، سئل أحمد بن يحيى مؤلف الفصيح عن الهلوع فقال قد فسره الله فلا تفسير أبين من تفسيره وهو قوله : { إذا مسه الشر جزوعا ، وإذا مسه الخير منوعا } وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق ، ولذلك استثنى منه المصلين لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا فلا يجزعون من شرها ولا يبخلون بخيرها .
ولما كان التقدير : فهو يسارع في آثار ما جبل عليه ما يترتب{[68364]} على الجزع مما لا يجوز في الشرع ومما يترتب على المنع من ذلك أيضاً فيكون من أهل النار ، وكان من القدرة البالغة أن يحفظ سبحانه من أراد من الخزي مع جبلته ويحمله على كسر نفسه مرة بعد أخرى حتى يتلاشى ما عنده من جبلة الشر وتبقى الروح على حالها{[68365]} عند الفطرة الأولى ، فلا تزال تحثه على المبادرة إلى طاعته سبحانه وتعالى وحفظ حدوده ، فكان لا كرامة أعظم من حفظ المكلف لحدود الشرع مع المنافاة لطبعه ، فيكون جامعاً للإيمان بنصفيه : الصبر والشكر ، لما جمع من هذه الأوصاف الثمان المعادة لأبواب الجنة الثمان ، فكانت أسباباً لها ، استثنى من{[68366]} هذا النوع الهلوع ولذلك جمع فقال : { إلا المصلين * } أي المحافظين على الصلاة التي هي مواطن الافتقار ، العريقين في هذا الوصف ، فإنه لا يشتد هلعهم فلا يشتد جزعهم ولا منعهم ، فيكونوا في أحسن تقويم معتدلين مسارعين فيما يرضي الرب ، لأنه سبحانه قرن بما جبلهم عليه من الهلع من طهارة الجسد لطهارة طينته وزكاء{[68367]} روحه ما هيأه به لتهذيب نفسه مما يسره له من أصدقاء{[68368]} الخير وأولياء المعروف وسماع المواعظ الحسان والإبعاد عن معادن الدنس من البقاع والأقران والكلام والأفعال وغير ذلك من سائر الأحوال ، والملابسة بكل ما يحمل على المعالي من صالح الخلال{[68369]} حتى كانوا من أهل الكمال ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.