مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِلَّا ٱلۡمُصَلِّينَ} (22)

واعلم أنه استثنى من هذه الحالة المذكورة المذمومة من كان موصوفا بثمانية أشياء : أولها قوله : { إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون } فإن قيل : قال : { على صلاتهم دائمون } ثم : { على صلاتهم يحافظون } قلنا : معنى دوامهم عليها أن لا يتركوها في شيء من الأوقات ومحافظتهم عليها ترجع إلى الاهتمام بحالها حتى يؤتى بها على أكمل الوجوه ، وهذا الاهتمام إنما يحصل تارة بأمور سابقة على الصلاة وتارة بأمور لاحقة بها ، وتارة بأمور متراخية عنها ، أما الأمور السابقة فهو أن يكون قبل دخول وقتها متعلق القلب بدخول أوقاتها ، ومتعلق بالوضوء ، وستر العورة وطلب القبلة ، ووجدان الثوب والمكان الطاهرين ، والإتيان بالصلاة في الجماعة ، وفي المساجد المباركة ، وأن يجتهد قبل الدخول في الصلاة في تفريغ القلب عن الوساوس والالتفات إلى ما سوى الله تعالى ، وأن يبالغ في الاحتراز عن الرياء والسمعة ، وأما الأمور المقارنة فهو أن لا يلتفت يمينا ولا شمالا ، وأن يكون حاضر القلب عند القراءة ، فاهما للأذكار ، مطلعا على حكم الصلاة ، وأما الأمور المتراخية فهي أن لا يشتغل بعد إقامة الصلاة باللغو واللهو واللعب ، وأن يحترز كل الاحتراز عن الإتيان بعدها بشيء من المعاصي .