لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{قَالَ نَعَمۡ وَإِنَّكُمۡ إِذٗا لَّمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (42)

قال فرعون : { وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } ، ومَنْ طَلَبَ القربةَ عند مخلوقٍ فإنَّ ما يصل إليه من الذُّلِّ يزيد على ما أمَّله من العِزِّ في ذلك التَقَرُّب . والمُقَرَّبون من الله أوَّلُ من يدخل عليه يومَ اللقاء ، فهم أولُ مَنْ لهم وصولٌ . والمُقَرُّبون من الله لهم على الله دَخْلَة ، والناسُ بوصف الغفلة والخَلْقُ في أسْرِ الحجبة .

ثم لمَّا اجتمع الناسُ ، وجاء السَّحَرةُ بما مَوَّهُوا ، التقَمَتْ عصا موسى جميعَ ما أتوا به ، وعادت عصاً ، وتلاشت أعيانُ حِبَالهم التي جاءوا بها ، وكانت أوقاراً ، وألْقِيَ السحرةُ سُجَّداً ، ولم يحتفلوا بتهديد فرعون إياهم بالقَتْل والصَّلْب والقَطْع ، فأصبحوا وهم يُقْسِمُون بعِزَّة فرعون ، ولم يُمْسُوا حتى كانوا يقولون : { لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَآءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ } [ طه : 72 ] .

ثم لمَّا ساعَدَهم التوفيقُ ، وآمنوا بالله كان أهمَّ أمورهم الاستغفارُ لِمَا سَلَفَ من ذنوبهم ، وهذه هي غاية هِمَّةِ الأولياء ، أن يستجيروا بالله ، وأن يستعيذوا من عقوبة الله ، فأعْرَفُهُم بالله أخْوَفُهُم مِنَ الله .

ولمَّا أَمَرَ اللَّهُ موسى بإخراج بني إسرائيل ، وتَبِعَهم فرعونُ بجَمْعِه ، وقال أصحابُ موسى .