في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ} (85)

57

هنا تتفرد القدرة الإلهية ، والعلم الإلهي . ويخلص الأمر كله لله بلا شائبة ولا شبهة ولا جدال ولا محال :

( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ) !

وهنا يجلل الموقف جلال الله ، ورهبة حضوره - سبحانه وتعالى - وهو حاضر في كل وقت . ولكن التعبير يوقظ الشعور بهذه الحقيقة التي يغفل عنها البشر . فإذا مجلس الموت تجلله رهبة الحضور وجلاله . فوق ما فيه من عجز ورهبة وانقطاع ووداع .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ} (85)

{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ } أي المحتضر المفهوم من الكلام { مّنكُمْ } والمراد بالقرب العلم وهو من إطلاق السبب وإرادة المسبب فإن القرب أقوى سبب للاطلاع والعلم ، وقال غير واحد : المراد القرب علماً وقدرة أي نحن أقرب إليه في كل ذلك منكم حيث لا تعرفون من حاله إلا ما تشاهدونه من آثار الشدّة من غير أن تقفوا على كنهها وكيفيتها وأسبابها الحقيقية ولا أن تقدروا على مباشرة دفعها إلا بما لا ينجع شيئاً ونحن المستولون لتفاصيل أحواله بعلمنا وقدرتنا أو بملائكة الموت { ولكن لاَّ تُبْصِرُونَ } لا تدركون كوننا أقرب إليه منكم لجهلكم بشؤوننا وقد علمت أن الخطاب للكفار ، وقيل : لا تدركون كنه ما يجري عليه على أن الاستدراك من { تنظرون } [ الواقعة : 84 ] ؛ والإبصار من البصر بالعين تجوّز به عن الإدراك أو هو من البصيرة بالقلب ، وقيل : أريد بأقربيته تعالى إليه منهم أقربية رسله عز وجل أي ورسلنا الذين يقبضون روحه ويعالجون إخراجها أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرونهم .

ومما قاله السادة أرباب الإشارة : متعلقاً ببعض هذه السورة الكريمة : وقالوا في قوله تعالى : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ ولكن لاَّ تُبْصِرُونَ } [ الواقعة : 85 ] ما بنوه على القول بوحدة الوجود والكلام فيها شائع وقد أشرنا إليه في هذا الكتاب غير مرة

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ} (85)

{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُون } والحال أنا نحن أقرب إليه منكم ، بعلمنا وملائكتنا ، ولكن لا تبصرون .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ} (85)

قوله : { ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون } نحن أقرب بقوتنا وقدرتنا إلى المحتضر الذي يكابد آلام الموت ، أو أقرب إليه بملائكتنا ، ولكنكم لا ترون ذلك ، أو لا تدركونه ولا تعلمونه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ} (85)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ونحن أقرب إليه منكم} يعني ملك الموت وحده إذ أتاه ليقبض روحه {ولكن لا تبصرون}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَنَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِنْكُمْ" يقول: ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم، "وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ" وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: قيل "فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الْحُلْقومَ وأنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ" كأنه قد سمع منهم، والله أعلم، إنا نقدر على أن لا نموت، فقال: "فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ"، ثم قال "فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ" أي غير مجزيين ترجعون تلك النفوس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك إن كنتم صادقين بأنكم تمتنعون من الموت...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ونحن اقرب إليه منكم} أي ملائكتي ورسلي في ذلك الوقت أقرب إليه منكم، ولكن لا تبصرون الملائكة لكن أضاف إلى نفسه لما أن الملآئكة بأمره وتسليطه يعملون. وقيل: {ونحن أقرب إليه منكم} أي أولى به في ذلك الوقت لما يعلم هو خطأه، ويتبين له الحق في ذلك الوقت من الباطل {ولكن لا تبصرون} أنتم، أي لا تعلمون ذلك، والله أعلم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"ولكن لا تبصرون" معناه ولكن لا تعلمون ذلك لجهلكم بالله وبما يجوز عليه وما لا يجوز. ويحتمل أن يكون المراد ولكن لا تبصرون الله، لأن الرؤية مستحيلة عليه. وقيل معناه: ولكن لا تبصرون الملائكة التي تتولى قبض روحه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{ونحن أقرب إليه منكم} يحتمل أن يريد ملائكته ورسله، ويحتمل أن يريد بقدرتنا وغلبتنا، فعلى الاحتمال الأول يجيئ قوله: {ولكن لا تبصرون} من البصر بالعين، وعلى التأويل الثاني يجيئ من البصر بالقلب...

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :

{ولكن لاَّ تُبْصِرُونَ} أي لا تدركون ذلك، لجهلكم بأن الله أقرب إلى عبده من حبل الوريد.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون)! وهنا يجلل الموقف جلال الله، ورهبة حضوره -سبحانه وتعالى- وهو حاضر في كل وقت. ولكن التعبير يوقظ الشعور بهذه الحقيقة التي يغفل عنها البشر. فإذا مجلس الموت تجلله رهبة الحضور وجلاله. فوق ما فيه من عجز ورهبة وانقطاع ووداع...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

نعم، نحن الذين نعلم بصورة جيّدة ما الذي يجول في خواطر المحتضر؟ وما هي الإزعاجات التي تعتريه؟ نحن الذين أصدرنا أمرنا بقبض روحه في وقت معيّن، إنّكم تلاحظون ظاهر حاله فقط، ولا تعلمون كيفية انتقال روحه من هذه الدار إلى الدار الآخرة، وطبيعة المخاضات الصعبة التي يعيشها في هذه اللحظة.

وبناءً على هذا فالمقصود من الآية هو: قرب الله عز وجل من الشخص المحتضر، بالرغم من أنّ البعض احتمل المقصود بالقرب (ملائكة قبض الروح) إلاّ أنّ التّفسير الأوّل منسجم مع ظاهر الآية أكثر.

وعلى كلّ حال فإنّ الله سبحانه ليس في هذه اللحظات أقرب إلينا من كلّ أحد، بل هو في كلّ وقت كذلك، بل هو أقرب إلينا حتّى من أنفسنا، بالرغم من أنّنا بعيدون عنه نتيجة غفلتنا وعدم وعينا، ولكن هذا المعنى في لحظة الاحتضار يتجلّى أكثر من أي وقت آخر.