في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلٗا لَّمّٗا} (19)

. . إنكم لا تدركون معنى الابتلاء . فلا تحاولون النجاح فيه ، بإكرام اليتيم والتواصي على إطعام المسكين ، بل أنتم - على العكس - تأكلون الميراث أكلا شرها جشعا ؛

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلٗا لَّمّٗا} (19)

وقد تقدم القول في ( سورة براءة ) في المسكين والفقير بمعنى يغني عن إعادته ، وعدد عليهم جدهم في أكل التراث لأنهم لا يورثون النساء ولا صغار الأولاد إنما كان يأخذ المال من يقاتل ويحمي الحوزة{[11805]} ، و «اللّم » : الجمع واللف . : الجمع واللف ، قال الحسن : هو أن يأخذ في الميراث حظه وحظ غيره ، وقال أبو عبيدة : " لممت ما على الخوان " إذا أكلت جميع ما عليه بأسره ، ومنه " لم الشعث " ومنه قول الشاعر :

ولست بمستبق أخا لا تلمه *** على شعث أي الرجال المهذب ؟{[11806]}


[11805]:حوزة الرجل: ما في ملكه.
[11806]:البيت للنابغة، وهو من قصيدة يعتذر فيها للنعمان ويمدحه. و "مستبقّ" معناها: مبق، فالسين والتاء للمبالغة، و "أخا" صديقا، و "تلمه" : لا تقبل منه ما فيه من عيوب، وأصل اللم الجمع، وقد استعمل هنا مجازا في جمع مختلف الطباع وقبولها سواء أكانت مرضية أو غير مرضية، و "الشعث": ما تفرق. و "أي" اسم استفهام للإنكار، أو للنفي، إذ لا يوجد رجل كامل التهذيب، وجملة "أي الرجال المهذب" بيان لما قبلها، وقد كان حماد الرواية يقدم النابغة لمثل هذا: ويقول: هذا ربع بيت يغنيك عن غيره، ومعنى البيت: إنك لا تستطيع أن تحتفظ بالأصدقاء ما لم تقبل بعض عيوبهم، لأنه لا يوجد إنسان كامل الخلق.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلٗا لَّمّٗا} (19)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني تأكلون الميراث أكلا شديدا...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وتأكلون أيها الناس الميراث "أكلاً لمّا" ، يعني : أكلاً شديدا ، لا تتركون منه شيئا ، وهو من قولهم : لممت ما على الخِوان أجمع ، فأنا ألمه لمّا : إذا أكلت ما عليه ، فأتيت على جميعه . .. عن الحسن ، في قوله : "وَتأكُلُونَ التّرَاثَ أكْلاً لَمّا" قال : نصيبه ونصيب صاحبه . ... عن مجاهد قوله : "أكْلاً لَمّا" قال : اللمّ : السفّ ، سفّ كل شيء . ... قال ابن زيد ، في قول الله : "وتَأكُلُونَ التّرَاثَ أكْلاً لَمّا" قال : الأكل اللمّ : الذي يأكل كلّ شيء يجده ولا يسأل ، فأكل الذي له ، والذي لصاحبه . كانوا لا يُوَرّثون النساء ، ولا يورّثون الصغار ، وقرأ : "يَسْتَفْتُونَكَ فِي النّساءِ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنّ وَما يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكِتابِ في يَتامَى النّساءِ اللاّتِي لا تُؤْتُونَهُنّ ما كُتِبَ لَهُنّ وتَرْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنّ والمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ" : أي لا تورّثونهنّ أيضا أكْلاً لَمّا يأكل ميراثه ، وكلّ شيء لا يسأل عنه ، ولا يدري أحلال أو حرام . ... عن سالم ، قال : قد سمعت بكر بن عبد الله يقول في هذه الآية : "وَتأكُلُونَ التّرَاثَ أكْلاً لَمّا" قال : اللمّ : الاعتداء في المِيراث ، يأكل ميراثه وميراث غيره . ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فاللم: الجمع ؛ يقال : لمّ المال أي جمع ، فكأنه يقول : يجمعون ما لم يرثوه بأنفسهم ، وذلك نصيب الأيتام إلى ما يرثون من أنصبائهم ، فيأكلونه ...

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :

تجمعون المال كله في الأكل فلا تعطون اليتيم نصيبه...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

إنكم لا تدركون معنى الابتلاء . فلا تحاولون النجاح فيه ، بإكرام اليتيم والتواصي على إطعام المسكين ، بل أنتم - على العكس - تأكلون الميراث أكلا شرها جشعا ؛ ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و { التراث } : المال الموروث ، أي الذي يُخلفه الرجل بعد موته لوارثه...

والأكل : مستعار للانتفاع بالشيء انتفاعاً لا يُبقي منه شيئاً . وأحسب أن هذه الاستعارة من مبتكرات القرآن إذ لم أقف على مثلها في كلام العرب .

وتعريف التراث عوض عن المضاف إليه ، أي تراث اليتامى، وكذلك كان أهل الجاهلية يمنعون النساء والصبيان من أموال مورثيهم .

وأشعر قوله : { تأكلون } بأن المراد التراث الذي لا حق لهم فيه ، ومنه يظهر وجه إيثار لفظ التُراث دون أن يقال : وتأكلون المال لأن التراث مال ماتَ صاحبه وأكْلُه يقتضي أن يستحق ذلك المال عاجز عن الذب عن ماله لصغرٍ أو أنوثة .