اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلٗا لَّمّٗا} (19)

قوله : { وَتَأْكُلُونَ التراث أَكْلاً لَّمّاً } التاء في «التُّراثَ » : بدل من الواو ؛ لأنه من الوراثة ومثله : تولج ، وتوراة ، وتخمة وقد تقدم كما قالوا : تجاه ، وتخمة ، وتكأة ، وتؤدة ، ونحو ذلك .

والتراث : ميراث اليتامى ، وقوله تعالى : { أَكْلاً لَّمّاً } ، اللَّمم : الجمع الشديد ، يقال : لممت الشيء لماً ، أي : جمعته جمعاً .

قال الحطيئة : [ الطويل ]

5205- إذَا كَانَ لمَّا يُتْبعُ الذَّمُّ ربَّهُ *** فَلا قدَّسَ الرَّحمنُ تِلْكَ الطَّواحِنَا{[60158]}

ولمَمْتُ شعثه من ذلك ؛ قال النابغة : [ الطويل ]

5206- ولسْتُ بِمُسْتبْقٍ أخاً لا تَلمُّهُ *** عَلى شَعثٍ أيُّ الرِّجالِ المُهذب ؟{[60159]}

والجَمُّ : الكثير ، ومنه : جمَّة الماء .

قال زهير : [ الطويل ]

5207- فَلمَّا وَرَدْنَا الماءَ زُرْقاً جِمامُهُ *** . . . {[60160]}

ومنه : الجُمَّةُ ، للشعر ، وقولهم : جاءوا الجمَّاء الغفير من ذلك .

وكتيبة ملمومة وحجر ملموم ، وقولهم : إن دارك لمومة ، أي تلم الناس وتجمعهم ، والآكل يلم الثريد ، فيجمعه لقماً ، ثم يأكله .

قال الحسنُ : يأكلون نصيبهم ، ونصيب غيرهم ، فيجمعون نصيب غيرهم إلى نصيبهم{[60161]} .

وقيل : إنَّ المال الذي يتركه الميت بعضه حلال ، وبعضه شبهة ، وبعضه حرام ، فالوارث يلم الكل ، أي : يجمع البعض إلى البعض ، ويأخذ الكل ويأكله .

قال الزمخشريُّ{[60162]} : يجوز أن يكون الذم متوجهاً إلى الوارث الذي ظفر بالمال ، سهلاً مهلاً من غير أن يعرق في جبينه ، فيسرف في إنفاقه ، ويأكله أكلاً لمًّا جامعاً بين ألوان المشتهيات [ من الأطعمة والأشربة والفواكه ]{[60163]} .

[ وقال ابن زيد : كان أهل الشرك لا يورثون النساء ولا الصبيان ، بل يأكلون ميراثهم وتراثهم مع تراثهم ]{[60164]} .


[60158]:ينظر الكشاف 4/751، والقرطبي 20/36، والبحر 8/462، والدر المصون 6/522.
[60159]:ينظر ديوان النابغة 474، وابن الشجري (1/267، واللسان (شعث)، والقرطبي 20/36، والبحر 8/462، والدر المصون 6/522.
[60160]:ينظر ديوانه (105)، والانطباع الشعري 281، ومجمع البيان 10/735، والدر المصون 6/522.
[60161]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/574). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/586) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد.
[60162]:ينظر الكشاف 4/751.
[60163]:سقط من: أ.
[60164]:سقط من: ب.