في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (125)

103

ولكن النفس البشرية حين تستعلن فيها حقيقة الإيمان ؛ تستعلى على قوة الأرض ، وتستهين ببأس الطغاة ؛ وتنتصر فيها العقيدة على الحياة ، وتحتقر الفناء الزائل إلى جوار الخلود المقيم . إنها لا تقف لتسأل : ماذا ستأخذ وماذا ستدع ؟ ماذا ستقبض وماذا ستدفع ؟ ماذا ستخسر وماذا ستكسب ؟ وماذا ستلقى في الطريق من صعاب وأشواك وتضحيات ؟ . . لأن الأفق المشرق الوضيء أمامها هناك ، فهي لا تنظر إلى شيء في الطريق . ( قالوا : إنا إلى ربنا منقلبون . وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا . ربنا أفرغ علينا صبراً ، وتوفنا مسلمين ) . .

إنه الإيمان الذي لا يفزع ولا يتزعزع . كما أنه لا يخضع أو يخنع . الإيمان الذي يطمئن إلى النهاية فيرضاها ، ويستيقن من الرجعة إلى ربه فيطمئن إلى جواره :

( قالوا : إنا إلى ربنا منقلبون ) . .

/خ126

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (125)

{ قالوا إنا إلى ربنا منقلبون } بالموت لا محالة فلا نبالي بوعيدك ، أو إنا منقلبون إلى ربنا وثوابه أن فعلت بنا ذلك ، كأنهم استطابوه شغفا على لقاء الله ، أو مصيرنا ومصيرك إلى ربنا فيحكم بيننا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (125)

فصلت جملة { قالوا إنا إلى ربنا منقلبون } لوقوعها في سياق المحاورة .

والانقلابُ : الرجوع وقد تقدم قريباً . وهذا جواب عن وعيد فرعون بأنه وعيد لا يضيرهم ، لأنهم يعلمون أنهم صائرون إلى الله رب الجميع ، وقد جاء هذا الجواب موجزاً إيجازاً بديعاً لأنه يتضمن أنهم يرجون ثواب الله على ما ينالهم من عذاب فرعون ، ويرجون منه مغفرة ذنوبهم ، ويرجون العقابَ لفرعون على ذلك ، وإذا كان المراد بالصلب القتل وكان المراد تهديد جميع المؤمنين ، كان قولهم : { إنا إلى ربنا منقلبون } تشوقاً إلى حلول ذلك بهم محبة للقاء الله تعالى ، فإن الله تعالى لما هداهم إلى الإيمان أكسبهم محبة لقائه ، ثم بينوا أن عقاب فرعون لا غضاضة عليهم منه ، لأنه لم يكن عن جناية تَصمهم بل كان على الإيمان بآيات لما ظهرت لهم . أي : فإنك لا تعرف لنا سبباً يوجب العقوبة غير ذلك .