في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَظِلّٖ مِّن يَحۡمُومٖ} (43)

وهنا يصل بنا السياق إلى أصحاب الشمال - وهم أصحاب المشأمة الذين سبقت الإشارة إليهم في مطلع السورة :

وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ? في سموم وحميم . وظل من يحموم . لا بارد ولا كريم . إنهم كانوا قبل ذلك مترفين . وكانوا يصرون على الحنث العظيم . وكانوا يقولون : أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون ? أو آباؤنا الأولون ? قل : إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم . ثم إنكم أيها الضالون المكذبون . لآكلون من شجر من زقوم . فمالئون منها البطون . فشاربون عليه من الحميم . فشاربون شرب الهيم . هذا نزلهم يوم الدين . .

فلئن كان أصحاب اليمين في ظل ممدود وماء مسكوب . . فأصحاب الشمال ( في سموم وحميم وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم ) . . فالهواء شواظ ساخن ينفذ إلى المسام ويشوي الأجسام . والماء متناه في الحرارة لا يبرد ولا يروي . وهناك ظل ! ولكنه ( ظل من يحموم ) . . ظل الدخان اللافح الخانق . . إنه ظل للسخرية والتهكم ظل( لا بارد ولا كريم ) . . فهو ظل ساخن لا روح فيه ولا برد ؛ وهو كذلك كز لا يمنح وراده راحة ولا إنعاشا . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَظِلّٖ مِّن يَحۡمُومٖ} (43)

وظل من يحموم من دخان أسود يفعول من الحممة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَظِلّٖ مِّن يَحۡمُومٖ} (43)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَظِلّ مِنْ يَحْمُومٍ" يقول تعالى ذكره: وظلّ من دُخان شديد السواد. والعرب تقول لكلّ شيء وصَفَتْه بِشدّة السواد: أسود يَحْموم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان للتهكم في القلب من شديد الوقد ما يجل عن الوصف والحد قال: {وظل} ثم أتبعه ما صرح بأنه تهكم فقال: {من يحموم}.

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

أي من دخان أسود، طبق أهويتهم المردية وعقائدهم الفاسدة، وهيآت نفوسهم المسودة بالصفات المظلمة، والهيآت السود الرديئة...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وحرف {مِن} بيانية إذ الظل هنا أريد به نفس اليحموم، أي الدخان الأسود. ووصف {ظل} بأنه {من يحموم} للإِشعار بأنه ظل دخان لَهب جهنم، والدخان الكثيف له ظل لأنه بكثافته يحجب ضوء الشمس، وإنما ذكر من الدخان ظله لمقابلته بالظل الممدود المُعدّ لأصحاب اليمين في قوله: {وظل ممدود} [الواقعة: 30]، ولتحقيق معنى التهكم وصف هذا الظل بما يفيد نفي البرد عنه ونفي الكرم، فبرد الظلّ ما يحصل في مكانه من دفع حرارة الشمس، وكرمُ الظلّ ما فيه من الصفات الحسنة في الظلال مثل سلامته من هبوب السموم عليه، وسلامة الموضع الذي يظله من الحشرات والأوساخ، وسلامة أرضه من الحجارة ونحو ذلك إذ الكريم من كل نوع هو الجامع لأكثر محاسن نوعه، كما تقدم في قوله تعالى: {إني ألقي إليّ كتاب كريم} في سورة سليمان (29)، فوُصف ظلّ اليحموم بوصف خاص وهو انتفاء البرودة عنه واتبع بوصف عام وهو انتفاء كرامة الظلال عنه، ففي الصفة بنفي محاسن الظلال تذكير للسامعين بما حُرم منه أصحاب الشمال عسى أن يحذروا أسباب الوقوع في الحرمان، ولإفادة هذا التذكير عدل عن وصف الظلّ بالحرارة والمضرّة إلى وصفه بنفي البرد ونفي الكرم.