في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ سَنُرَٰوِدُ عَنۡهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَٰعِلُونَ} (61)

54

ولما كانوا يعلمون كيف يضن أبوهم بأخيهم الأصغر - وبخاصة بعد ذهاب يوسف - فقد أظهروا أن الأمر ليس ميسورا ، وإنما في طريقه عقبات من ممانعة أبيهم ، وأنهم سيحاولون إقناعه ، مع توكيد عزمهم - على الرغم من هذه العقبات - على إحضاره معهم حين يعودون :

( قالوا : سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون ) . .

ولفظ ( نراود )يصور الجهد الذي يعلمون أنهم باذلوه . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ سَنُرَٰوِدُ عَنۡهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَٰعِلُونَ} (61)

{ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } أي : وَفَّاهم كيلهم ، وحمل لهم أحمالهم قال : ائتوني بأخيكم هذا الذي ذكرتم ، لأعلم صدقكم فيما ذكرتم ، { أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزلِينَ } يرغبهم في الرجوع إليه ، ثم رَهَّبَهم فقال : { فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ } أي : إن لم تقدموا به معكم في المرة الثانية ، فليس لكم عندي ميرة ، { وَلا تَقْرَبُونِ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } أي : سنحرص على مجيئه إليك بكل ممكن ولا نبقي مجهودا لتعلم صدقنا فيما قلناه .

وذكر السدي : أنه أخذ منهم رهائن حتى يقدموا به معهم . وفي هذا نظر ؛ لأنه أحسن إليهم ورغبهم كثيرا ، وهذا لحرصه{[15223]} على رجوعهم .


[15223]:- في ت : "ولهذا بحرصه" وفي أ : "ولهذا يحرضهم".

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ سَنُرَٰوِدُ عَنۡهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَٰعِلُونَ} (61)

قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ( 61 ) }

تقدم معنى «المراودة » أي سنفائل{[6740]} أباه في أن يتركه يأتي معنا إليك ، ثم شددوا هذه المقالة بأن التزموها له في قولهم : { وإنا لفاعلون } ، وأراد يوسف عليه السلام المبالغة في استمالتهم بأن رد مال كل واحد منهم في رحله بين طعامه ، وأمر بذلك فتيانه .


[6740]:فاءله: لعب معه لعبة الفئال، وهي أن يخبىء فريق شيئا في التراب ثم يقسمه قسمين، ويسأل الفريق الآخر: في أيهما يكون الشيء؟
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالُواْ سَنُرَٰوِدُ عَنۡهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَٰعِلُونَ} (61)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال إخوة يوسف ليوسف إذ قال لهم:"ائْتُونِي بأخٍ لَكُمْ مِنْ أبِيكُمْ"، "قالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أباهُ "ونسأله أن يخليه معنا حتى نَجِيء به إليك، "وَإنّا لَفاعِلُونَ "يعنون بذلك: وإنا لفاعلون ما قلنا لك أنا نفعله من مراودة أبينا عن أخينا منه ولنجتهدن...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{وَإِنَّا لَفَاعِلُون} فيه وجهان:

أحدهما: وإنا لفاعلون مراودة أبيه وطلبه منه.

الثاني: وإنا لفاعلون للعود إليه بأخيهم، قاله ابن إسحاق. فإن قيل: كيف استجاز يوسف إدخال الحزن على أبيه بطلب أخيه؟ قيل عن هذا أربعة أجوبة:

أحدها: يجوز أن يكون الله عز وجل أمره بذلك ابتلاء ليعقوب ليُعظم له الثواب فاتّبع أمره فيه.

الثاني: يجوز أن يكون أراد بذلك أن ينبه يعقوب على حال يوسف.

الثالث: لتضاعف المسرة ليعقوب برجوع ولديه عليه.

والرابع: ليقدم سرور أخيه بالاجتماع معه قبل إخوته لميله إليه...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

هذا حكاية ما أجاب به إخوة يوسف يوسف حين حثهم على الاتيان بأخيهم بأنهم {قالوا سنراود عنه أباه} ونحن نفعل ذلك، والمراودة: المطالبة، من قولهم راد يرود، فهو رائد أي طلب، وفلان يرتاد موضعا أي يطلبه، وفي المثل (الرائد لا يكذب اهله)، ومنه الإرادة وهي طلب الفعل بما هو كالسبب له، لأن الداعي إلى الفعل داع إلى إرادته، لأن باجتماع الأمرين يقع الفعل من عالم قادر، والفاعل: من جعل الشيء موجودا بعد أن كان معدوما...

وقال ابن اسحاق: الذي وعدوا بفعله الاجتهاد في المصير بأخيهم إليه لأنهم جوزوا أن لا يجيبهم أبوهم إلى الإرسال به معهم. وقال أبو علي: وعدوه بأن يصيروا به إليه إن أرسله أبوه معهم، فالعدة به كانت واقعة بشرط.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

لما عَلِمَ يوسفُ من حالهم أنهم باعوه بثمنٍ بَخْسٍ عَلِمَ أنهم يأتونه بأخيهم طمعاً في إيفاء الكيل، فلن يَصْعُبَ عليهم الإتيان به...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{سنراود عَنْهُ أَبَاهُ} سنخادعه عنه، وسنجتهد ونحتال حتى ننتزعه من يده {وَإِنَّا لفاعلون} وإنا لقادرون على ذلك لا نتعانى به، أو وإنا لفاعلون ذلك لا محالة لا نفرط فيه ولا نتوانى...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ثم إنهم لما سمعوا هذا الكلام من يوسف قالوا: {سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون} أي سنجتهد ونحتال على أن ننزعه من يده، وإنا لفاعلون هذه المراودة، والغرض من التكرير التأكيد، ويحتمل أن يكون {وإنا لفاعلون} أن نجيئك به، ويحتمل {وإنا لفاعلون} كل ما في وسعنا من هذا الباب...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

فكأنه قيل: فما قالوا؟ فقيل: {قالوا سنراود} أي بوعد لا خلف فيه حين نصل {عنه أباه} أي نكلمه فيه وننازعه الكلام ونحتال عليه فيه، ونتلطف في ذلك، ولا ندع جهداً؛ ثم أكدوا ذلك -بعد الجملة الفعلية المصدرة بالسين- بالجملة الإسمية المؤكدة بحرفي التأكيد، فقالوا: {وإنا لفاعلون} أي ما أمرتنا به والتزمناه، وقد مضى عند {وراودته} أن المادة... تدور على الدوران، ومن لوازمه القصد والإقبال والإدبار والرفق والمهلة...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

ف {قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ} دل هذا على أن يعقوب عليه السلام كان مولعا به لا يصبر عنه، وكان يتسلى به بعد يوسف، فلذلك احتاج إلى مراودة في بعثه معهم {وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ} لما أمرتنا به...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ولما كانوا يعلمون كيف يضن أبوهم بأخيهم الأصغر -وبخاصة بعد ذهاب يوسف- فقد أظهروا أن الأمر ليس ميسورا، وإنما في طريقه عقبات من ممانعة أبيهم، وأنهم سيحاولون إقناعه، مع توكيد عزمهم -على الرغم من هذه العقبات- على إحضاره معهم حين يعودون...