فكأنه قيل : فما قالوا ؟ فقيل : { قالوا سنراود } أي بوعد لا خلف فيه حين نصل{[42023]} { عنه أباه } أي نكلمه فيه وننازعه الكلام ونحتال{[42024]} عليه{[42025]} فيه ، ونتلطف في ذلك ، ولا ندع جهداً ؛ ثم أكدوا ذلك - بعد الجملة الفعلية المصدرة{[42026]} بالسين - بالجملة الاسمية المؤكدة بحرفي التأكيد ، فقالوا : { وإنا لفاعلون * } أي ما أمرتنا به والتزامناه ، وقد مضى عند { وراودته } أن المادة - يائية وواوية بهمز وبغير همز - تدور على الدوران ، ومن لوازمه القصد والإقبال والإدبار والرفق والمهلة ، وقد مضى بيان غير المهموز ، وأما المهموز فمنه درأه{[42027]} ، أي دفعه - لأن المدفوع يرد إلى الموضع الذي أتى منه ، والمدارأة{[42028]} : المدافعة والمنازعة مطلقاً ، أي سواء كانت برفق أو بعنف ، ثم كثرت فقصرت على الملاينة ، ويلزم من الدفع حلول المدفوع في موضع لا يريده بغتة ، ومنه : درأ علينا ، أي خرج مفاجأة ، قال{[42029]} القزاز : وأصله من قولهم : جاء السيل درأ ، أي يدرأ{[42030]} بعضه بعضاً ، وهو الذي يأتي من مكان لا يعلم به ، واندرأ فلان علينا بالشر - إذا أتى به من حيث لم ندر ، والدرء : النشوز{[42031]} ، وهو من الدفع ، وكوكب دريء : متوقد متلألىء - كان نوره يدفع بعضه بعضاً ، ومنه درأت النار : أضاءت ، واندرأ الحريق : انتشر ، ودرأ الشيء : بسطه - لأن المبسوط لا يخلو عن دفع ، وتدارؤوا{[42032]} : تدافعوا في الخصومة .
ودرأ البعير : أغد{[42033]} ، ومع الغدة ورم{[42034]} في ظهره ، وناقة دارىء : مغدة ، وذلك لأن الغدة ملزومة{[42035]} للدفع ، لا تنفك عنه بالقتب{[42036]} والركب{[42037]} وغيرهما ، وكل ناتىء في الجسد هذا شأنه ، ومنه الدرء : لقطعة{[42038]} من{[42039]} الجبل مشرقة{[42040]} ، وناقة مدرىء : أنزلت اللبن وأرخت ضرعها عند النتاج - كأنها دفعتهما ، وادرأت{[42041]} الصيد - على " افتعلت " : اتخذت له دريئة ، وقد تقدمت " الدرية " في الواوي ، ومنه : ادرأت فلاناً - إذا اعتمدته ، والدرء :{[42042]} الميل والعوج - لأنه أهل لأن يدفع ليقوم ، وطريق ذو دروء{[42043]} ، أي كور{[42044]} وأخاقيق أي شقوق - فكأنها تدفع صاحبها عن القصد ، وتدرؤوا عليهم : تطاولوا - لأن ذلك لا يخلو عن مدافعة كالنشوز{[42045]} ، ويلزم الدفع القوة ، ومنه رجل ذو تدرإ ، أي منعة{[42046]} وقوة ، ورادته{[42047]} بكذا - بتقديم الراء : جعلته قوة له وعماداً يدافع عنه ، و{[42048]} الردء : العون{[42049]} والمادة والعدل الثقيل - لأنه يدافع{[42050]} ليعتدل ، وردأ الحائط : دعمه ، وردأه بحجر : رماه به{[42051]} ، لأنه إذا أصابه دفعه ، والإبل : أحسن القيام عليها{[42052]} ، لأن ذلك لا يكون إلا بمدافعة ، وأردأ{[42053]} الستر : أرخاه ، بدفعه له من المكان الذي كان به ، وأردأ{[42054]} الولد : سكنه وأنسه ، فدفع{[42055]} الهم عنه ، وأردأ الشيء : أقره - كأنه لسلب الدفع ، وكذا أردأه{[42056]} أي أفسده ، إما بأنه لم يدافعه بإحسان القيام عليه{[42057]} فأفسده ، أو أنه زاد في الدفع حتى فسد ، ومن ذلك أردأ - إذا فعل رديئاً ، أي فعلا فاسداً ليس بجيد ، وكأن من{[42058]} ذلك الأدرة - بالضم ساكنة وتحرك - وهي عظم الخصيتين في الناس والخيل ؛ و{[42059]} من التدافع : ترأدت الحية : اهتزت في انسيابها{[42060]} ورفعت رأسها ، والريح : اضطربت - فكأن بعضها يدفع بعضاً ، ومنه رأد{[42061]} الضحى : ارتفاعه ، وترأد الضحى : ارتفع ، وكذلك الجارية الرأدة والرؤد - بالضم{[42062]} ، أي الناعمة ، وقال القزاز : السريعة الشباب مع حسن غذاء{[42063]} ، وقال ابن دريد : جارية رأدة - غير مهموز : كثيرة{[42064]} المجيء والذهاب ، فإذا قلت : جارية رؤدة{[42065]} فهي الناعمة .
فإذا فسرت بالذهاب والمجيء فهو من الدوران الذي هو المدار ، وإذا فسرت بالناعمة فهو من الاضطراب اللازم له{[42066]} ، وغصن رؤد - بالضم : رطب - من ذلك ، قال القزاز : وأحسب الجارية الناعمة إنما سميت رؤداً من هذا ، وترأد : اهتز نعمة ، وزيد : قام فأخذته{[42067]} رعدة ، والغصن : تفيأ ، والعنق : التوى - كله من الدوران وما يلزمه من الاضطراب ، ورئد الإنسان : صديقه ، لأنه يراوده ويداوره ، والرأدة{[42068]} : أصل اللحى ، وهو أصول منبت الأسنان ، وهو العظم الذي يدور فيه طرفا اللحيين مما يلي الصدغين ؛ ومن الرفق والمهلة : الرؤدة - بالضم ، وهي التؤدة{[42069]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.