في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

73

وعندئذ يلجأ الطاغية إلى قوته المادية ، ويعزم أن يزيلهم من الأرض ويبيدهم ، ( فأراد أن يستفزهم من الأرض ) فكذلك يفكر الطغاة في الرد على كلمة الحق .

وعندئذ تحق على الطاغية كلمة الله ، وتجري سنته بإهلاك الظالمين وتوريث المستضعفين الصابرين : ( فأغرقناه ومن معه جميعا ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

وقوله : ( فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ ) أي : يخليهم منها ويزيلهم{[17888]} عنها ( فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا * وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ ) وفي هذا بشارة لمحمد صلى الله عليه وسلم بفتح مكة مع أن السورة نزلت قبل الهجرة ، وكذلك وقع ؛ فإن أهل مكة هموا بإخراج الرسول منها ، كما قال تعالى : { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا * سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا } [ الإسراء : 76 ، 77 ] ؛ ولهذا أورث الله رسوله{[17889]} مكة ، فدخلها عُنْوَة على أشهر القولين ، وقهر أهلها ، ثم أطلقهم حلمًا وكرمًا ، كما أورث الله القوم الذين كانوا يستضعفون من بني إسرائيل مشارق الأرض ومغاربها ، وأورثهم بلاد فرعون وأموالهم وزروعهم وثمارهم وكنوزهم ، كما قال : { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 59 ]


[17888]:في ت: "ويرسلهم".
[17889]:في ت: "ورسوله".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

{ فأراد } فرعون . { أن يستفزّهم } أن يستخف موسى وقومه وينفيهم . { من الأرض } أرض مصر أو الأرض مطلقا بالقتل والاستئصال . { فأغرقناه ومن معه جميعا } فعكسنا عليه مكره فاستفززناه وقومه بالإغراق .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

أكملت قصة المثل بما فيه تعريض بتمثيل الحالين إنذاراً للمشركين بأن عاقبة مكرهم وكيدهم ومحاولاتهم صائرة إلى ما صار إليه مكر فرعون وكيده ، ففرع على تمثيل حالي الرسالتين وحالي المرسل إليهما ذكر عاقبة الحالة الممثل بها نذارة للممثلين بذلك المصير .

فقد أضمر المشركون إخراج النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين من مكة ، فمثلت إرادتهم بإرادة فرعون إخراج موسى وبني إسرائيل من مصر ، قال تعالى : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا } [ الإسراء : 76 ] .

والاستفزاز : الاستخفاف ، وهو كناية عن الإبعاد . وتقدم عند قوله تعالى : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض } في هذه السورة [ الإسراء : 76 ] .

والمراد بمن معه جنده الذين خرجوا معه يتبعون بني إسرائيل .

والأرض الأولى هي المعهودة وهي أرض مصر .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَرَادَ أَن يَسۡتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ فَأَغۡرَقۡنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعٗا} (103)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فأراد أن يستفزهم من الأرض}، يعنى أن يخرجهم من أرض مصر... {فأغرقناه ومن معه جميعا}، من الجنود...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فأراد فرعون أن يستفزّ موسى وبني إسرائيل من الأرض، "فَأَغْرَقْناهُ "في البحر، "وَمَن مَعَهُ" من جنده "جَمِيعا".

ونجّينا موسى وبني إسرائيل، وقلنا لهم مِنْ بَعْدِ هلاك فرعون "اسْكُنُوا الأرْضَ": أرض الشام، "فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخَرِةِ جئْنا بكُمْ لَفيفا" يقول: فإذا جاءت الساعة، وهي وعد الآخرة، "جئنا بكم لفيفا": يقول: حشرناكم من قبوركم إلى موقف القيامة "لفيفا": أي مختلطين قد التفّ بعضكم على بعض، لا تتعارفون ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وحيّه، من قولك: لففت الجيوش: إذا ضربت بعضها ببعض، فاختلط الجميع، وكذلك كلّ شيء خُلط بشيء فقد لُفّ به.

وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه...

وقال آخرون: بل معناه: جئنا بكم جميعا...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فأراد} يعني فرعون {أن يستفزهم من الأرض} قال أهل التأويل: أراد أن يخرجهم، ويستخفيهم من الأرض أي أرض مصر، لكنهم قد كانوا أخرجوا طائعين قبل أن يخرجهم من حيث أمر موسى بإخراجهم بقوله: {وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون} (الشعراء: 52) فيكون تأويل قوله: فأراد أن يخرجهم من الأرض بالقتل والهلاك في الدنيا...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

" فأراد "يعني فرعون "أن يستفزهم "يعني موسى وبني اسرائيل" من الأرض "أي: يخرجهم منها بالنفي والقتل والازعاج كرها، من أرض مصر. وأصله القطع بشدة، فزز الثوب إذا قطعه بشدة تخريق...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{فَأَرَادَ} فرعون أن يستخف موسى وقومه من أرض مصر ويخرجهم منها، أو ينفيهم عن ظهر الأرض بالقتل والاستئصال، فحاق به مكره بأن استفزه الله بإغراقه مع قبطه...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{يستفزهم} معناه يستخفهم ويقلعهم، إما بقتل أو بإجلاء، و {الأرض} أرض مصر، وقد تقدم أنه متى ذكرت الأرض عموماً فإنما يراد بها ما يناسب القصة المتكلم فيها، وقد يحسن عمومها في بعض القصص...

قال القاضي أبو محمد: واقتضبت هذه الآية قصص موسى مع فرعون وإنما ذكرت عظم الأمر وخطيره، وذلك طرفاه، أراد فرعون غلبتهم وقتلهم وهذا كان بدء الأمر فأغرقه الله وأغرق جنوده وهذا كان نهاية الأمر،...

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

قال العلماء: وفي هذه الآية تنبيه على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه لما خرج موسى فطلبه فرعون، هلك فرعون وملك موسى، وكذلك أظهر الله نبيه بعد خروجه من مكة حتى رجع إليها ظاهرا عليها...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

(فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ) أي: يخليهم منها ويزيلهم عنها...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وعندئذ يلجأ الطاغية إلى قوته المادية، ويعزم أن يزيلهم من الأرض ويبيدهم، (فأراد أن يستفزهم من الأرض) فكذلك يفكر الطغاة في الرد على كلمة الحق. وعندئذ تحق على الطاغية كلمة الله، وتجري سنته بإهلاك الظالمين وتوريث المستضعفين الصابرين: (فأغرقناه ومن معه جميعا)...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أكملت قصة المثل بما فيه تعريض بتمثيل الحالين إنذاراً للمشركين بأن عاقبة مكرهم وكيدهم ومحاولاتهم صائرة إلى ما صار إليه مكر فرعون وكيده، ففرع على تمثيل حالي الرسالتين وحالي المرسل إليهما ذكر عاقبة الحالة الممثل بها نذارة للممثلين بذلك المصير...