في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ} (23)

ثم يمضي السياق في السخرية منهم ، فيصورهم منطلقين ، يتحدثون في خفوت ، زيادة في إحكام التدبير ، ليحتجنوا الثمر كله لهم ، ويحرموا منه المساكين !

فانطلقوا وهم يتخافتون : ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين ! ! !

وكأنما نحن الذين نسمع القرآن أو نقرؤه نعلم ما لا يعلمه أصحاب الجنة من أمرها . . أجل فقد شهدنا تلك اليد الخفية اللطيفة تمتد إليها في الظلام ، فتذهب بثمرها كله . ورأيناها كأنما هي مقطوعة الثمار بعد ذلك الطائف الخفي الرهيب ! فلنمسك أنفاسنا إذن ، لنرى كيف يصنع الماكرون المبيتون . ذ

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ} (23)

{ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } أي : يتناجون فيما بينهم بحيث لا يُسمعون أحدًا كلامهم .

23

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ} (23)

يقول تعالى ذكره : فتنادى هؤلاء القوم وهم أصحاب الجنة . يقول : نادى بعضهم بعضا مصبحين يقول : بعد أن أصبحوا أن اغْدُوا على حَرْثِكُمْ وذلك الزرع إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ يقول : إن كنتم حاصدي زرعكم فانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ يقول : فمضَوا إلى حرثهم وهم يتسارّون بينهم أنْ لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ علَيْكُمْ مِسْكِين يقول : وهم يتسارّون يقول بعضهم لبعض : لا يدخلنّ جنتكم اليوم عليكم مسكين ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أن اغْدُوا على حَرْثِكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ يقول : يُسِرّون أن لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : لما مات أبوهم غدوا عليها ، فقالوا : لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ .

واختلف أهل التأويل في معنى الحرْد في هذا الموضع ، فقال بعضهم : معناه : على قُدْرة في أنفسهم وجدّ . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ عن ابن عباس ، قوله : وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : ذوي قدرة .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج عمن حدثه ، عن مجاهد في قول الله : على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على جدّ قادرين في أنفسهم .

قال : ثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على جهد ، أو قال على جِدّ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ غدا القوم وهي مُحْردون إلى جنتهم ، قادرون عليها في أنفسهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على جِدّ من أمرهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : على حَرْدٍ قادِرِينَ على جِدّ قادرين في أنفسهم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وغدوا على أمرهم قد أجمعوا عليه بينهم ، واستسرّوه ، وأسرّوه في أنفسهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن مجاهد وَغَدَوا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : كان حرث لأبيهم ، وكانوا إخوة ، فقالوا : لا نطعم مسكينا منه حتى نعلم ما يخرج منه وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ على أمر قد أسسوه بينهم .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله على حَرْدٍ قال : على أمر مجمع .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرِمة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على أمر مُجْمَع .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وغدوا على فاقة وحاجة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : قال الحسن ، في قوله : وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على فاقة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : على حنق . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادرينَ قال : على حنق ، وكأن سفيان ذهب في تأويله هذا إلى مثل قول الأشهب بن رُميلة :

أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خفِيّةٍتَساقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأساوِدِ

يعني : على غضب . وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يتأوّل ذلك : وغدوا على منع . ويوجهه إلى أنه مِن قولهم : حاردَتِ السنة إذا لم يكن فيها مطر ، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن ، كما قال الشاعر :

شع فإذا ما حارَدَتْ أوْ بَكأَتْ

فُتّ عَنْ حاجِب أُخْرَى طِينُها

وهذا قول لا نعلم له قائلاً من متقدّمي العلم قاله وإن كان له وجه ، فإذا كان ذلك كذلك ، وكان غير جائز عندنا أن يتعدّى ما أجمعت عليه الحجة ، فما صحّ من الأقوال في ذلك إلا أحد الأقوال التي ذكرناها عن أهل العلم . وإذا كان ذلك كذلك ، وكان المعروف من معنى الحرد في كلام العرب القصد من قولهم : قد حرد فلان حَرْد فلان : إذا قصد قصده ومنه قول الراجز :

وجاءَ سَيْلٌ كانَ مِنْ أمْرِ اللّهْيَحْرُدُ حَرْدَ الجَنّةِ المُغِلّهْ

يعني : يقصد قصدها ، صحّ أن الذي هو أولى بتأويل الاَية قول من قال : معنى قوله وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادرِينَ وَغدوا على أمر قد قصدوه واعتمدوه ، واستسرّوه بينهم ، قادرين عليه في أنفسهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ} (23)

والتخافت : تفاعل من خَفَتَ إذا أسرّ الكَلام .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ} (23)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"فانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ" يقول: فمضَوا إلى حرثهم وهم يتسارّون بينهم "أنْ لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ علَيْكُمْ مِسْكِين" يقول: وهم يتسارّون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فانطلقوا وهم يتخافتون} قيل: يتسارّون في ما بينهم. فيجوز أن تكون مسارتهم كانت في الأمر بالإسراع في المشي، لئلا يشعر بهم المساكين، أو أن يتعجلوا في الخروج والمشي قبل الوقت الذي يصبح فيه المساكين...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{فَانطَلَقُواْ} فمضوا إليها {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} يتشاورون.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{فانْطَلَقُوا وهم يتخافتونَ} فيه أربعة أوجه:

...

...

...

...

...

...

...

...

...

...

الثالث: يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يروهم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(فانطلقوا) أي ذهبوا، وهم (يتخافتون) فالتخافت: التقابل في إخفاء الحركة.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

و {يتخافتون} معناه: يتكلمون كلاماً خفياً، ومنه قوله تعالى: {ولا تخافت بها} [الإسراء: 110]، وكان هذا التخافت خوفاً من أن يشعر بهم المساكين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

و عبر عن إسراعهم إلى الذهاب بقوله: {فانطلقوا} أي بسبب هذا الحث وعقبه كأنهم كانوا متهيئين {وهم} أي والحال أنهم {يتخافتون} أي يقولون في حال انطلاقهم قولاً هو في غاية السر كأنهم ذاهبون إلى سرقة من دار هي في غاية الحراسة، من الخفوت وهو الخمود.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم يمضي السياق في السخرية منهم، فيصورهم منطلقين، يتحدثون في خفوت، زيادة في إحكام التدبير، ليحتجنوا الثمر كله لهم، ويحرموا منه المساكين! فانطلقوا وهم يتخافتون: ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين!!! وكأنما نحن الذين نسمع القرآن أو نقرأه نعلم ما لا يعلمه أصحاب الجنة من أمرها.. أجل فقد شهدنا تلك اليد الخفية اللطيفة تمتد إليها في الظلام، فتذهب بثمرها كله. ورأيناها كأنما هي مقطوعة الثمار بعد ذلك الطائف الخفي الرهيب! فلنمسك أنفاسنا إذن، لنرى كيف يصنع الماكرون المبيتون...