تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّهَا عَلَيۡهِم مُّؤۡصَدَةٞ} (8)

وقوله : { إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } أي : مطبقة ، كما تقدم تفسيره في سورة البلد .

وقال ابن مَرْدُويه : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا علي بن سراج ، حدثنا عثمان بن خَرزَاذ ، حدثنا شجاع بن أشرس ، حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } قال : " مطبقة " .

وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة ، عن عبد الله بن أسيد ، عن إسماعيل بن خالد{[30512]} عن أبي صالح قوله ، ولم يرفعه .


[30512]:- (1) في أ: "إسماعيل بن أبي خالد".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّهَا عَلَيۡهِم مُّؤۡصَدَةٞ} (8)

وقوله : { إنّها عَلَيهِمْ مُؤْصَدَةٌ } يقول تعالى ذكره : إن الحُطَمة التي وصفت صفتها عليهم ، يعني : على هؤلاء الهمّازين اللمّازين مُؤْصَدةٌ : يعني : مطبقة ، وهي تُهْمَز ولا تُهْمَز ، وقد قُرئتا جميعا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا طَلْق ، عن ابن ظهير ، عن السديّ ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس في مؤصدة : قال : مُطْبَقَة .

حدثني عبيد بن أسباط ، قال : ثني أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، في قوله : { إنّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } قال : مُطْبَقَة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : في النار رجل في شِعْب من شِعابها ينادي مقدار ألف عام : يا حنّان يا منّان ، فيقول ربّ العزّة لجبريل : أخرج عبدي من النار ، فيأتيها فيجدها مُطْبَقَة ، فيرجع فيقول : يا ربّ { إنّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } فيقول : يا جبريل فُكّها ، وأخرج عبدي من النار ، فيفكها ، ويخرج مثل الخيال ، فيُطرح على ساحل الجنة حتى يُنبت الله له شعرا ولحما ودما .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { إنّها عَلَيْهمْ مُؤْصَدَةٌ } قال : مطْبَقة .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن مضرس بن عبد الله ، قال : سمعت الضحاك { إنّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } قال : مطبقة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { إنّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } قال : عليهم مغلقة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة { إنّها علَيْهِمْ مُؤْصدَةٌ } : أي مطبقة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ } قال : مطبقة .

والعرب تقول : أوصد الباب : أغلق .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّهَا عَلَيۡهِم مُّؤۡصَدَةٞ} (8)

هذه جملة يجوز أن تكون صفة ثالثة ل { نار اللَّه } [ الهمزة : 6 ] بدون عاطف ، ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافاً ابتدائياً وتأكيدها ب ( إنّ ) لتهويل الوعيد بما ينفي عنه احتمالَ المجاز أو المبالغة .

وموصدة : اسم مفعول من أوصد الباب ، إذا أغلقه غلقاً مطبقاً . ويقال : آاصد بهمزتين إحداهما أصلية والأخرى همزة التعدية ، ويقال : أصَدَ الباب فعلاً ثلاثياً ، ولا يقال : وصَد بالواو بمعنى أغلق .

وقرأ الجمهور : { موصدة } بواو بعد الميم على تخفيف الهمزة ، وقرأه أبو عمرو وحمزة وحفص عن عاصم ويعقوب وخلف بهمزة ساكنة بعد الميم المضمومة .

ومعنى إيصادها عليهم : ملازمة العذاب واليأسُ من الإِفلات منه كحال المساجين الذين أغلق عليهم باب السجن تمثيلَ تقريب لشدة العذاب بما هو متعارف في أحوال الناس ، وحالُ عذاب جهنم أشد مما يبلغه تصور العقول المعتاد .