{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } أي : يعلم السرائر والضمائر ، كما يعلم الظواهر ، { سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } [ الرعد : 10 ] ، { يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] ، { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } [ هود : 5 ] .
وقوله : { وَإنّ رَبّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ } يقول : وإن ربك ليعلم ضمائر صدور خلقه ، ومكنون أنفسهم ، وخفيّ أسرارهم ، وعلانية أمورهم الظاهرة ، لا يخفى عليه شيء من ذلك ، وهو محصيها عليهم حتى يجازي جميعهم بالإحسان إحسانا وبالإساءة جزاءها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثني الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج وَإنّ رَبّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنّ صُدُورُهُمْ قال : السرّ .
موقع هذا موقع الاستئناف البياني لأن قوله { وإن ربّك لذو فضل على الناس } [ النمل : 73 ] يثير سؤالاً في نفوس المؤمنين أن يقولوا : إن هؤلاء المكذبين قد أضمروا المكر وأعلنوا الاستهزاء فحالهم لا يقتضي إمهالهم ؟ فيجاب بأن الذي أمهلهم مطلع على ما في صدورهم وما أعلنوه وأنه أمهلهم مع علمه بهم لحكمة يعلمها .
وفيه إشارة إلى أنهم يكنون أشياء للنبيء صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، منها : أنهم يتربصون بهم الدوائر ، وأنهم تخامر نفوسهم خواطر إخراجه وإخراج المؤمنين . وهذا الاستئناف لما كان ذا جهة من معنى وصف الله بإحاطة العلم عطفت جملته على جملة وصف الله بالفضل ، فحصل بالعطف غرض ثان مهم ، وحصل معنى الاستئناف البياني من مضمون الجملة .
وأما التوكيد ب { إن } فهو على نحو توكيد الجملة التي قبله . ولكَ أن تجعله لتنزيل السائل منزلة المتردد وذلك تلويح بالعتاب .
و { تكن } تخفي وهو من ( أكن ) إذا جعل شيئاً كانّاً ، أي حاصلاً في كن . والكنّ : المسكن . وإسناد { تكن } إلى الصدور مجاز عقلي باعتبار أن الصدور مكانه . والإعلان : الإظهار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.